للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التأويل فقوله تعالى: {إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ} أي بعلمه لا بذاته وهذا المعنى اللمعية هو الذي سماه المخالفون تأويلاً وهي تسمية غير صحيحة فإن معنى وهو معكم أي مطلع عليكم شهيد عليكم ومهيمن وعالم بكل ما تأتون وما تذرون ولا يمكن أن تفسر المعية في هذه الآية بغير هذا التفسير والمنزه الله تعالى لا يمكن أن يفهم منها معية ذاته جل وعلا إلا إذا أراد التعطيل أو التشبيه أو القول بوحدة الوجود.

وأما الآية الثانية: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} أي وملائكتنا وقدرتنا وعلمنا أقرب إليه من قبل وريده وقد وصف المخالفون هذا المعنى بأنه لجوء إلى التأويل وهو فهم غير صحيح فإنه ليس بتأويل بل هو على ظاهره صحيح فإن الملائكة يعملون بقدرته وإرادته وهم جنود له تعالى مطيعون ولهذا عبر بكلمة "نحن" المفيدة للتعظيم وإحاطة علمه تعالى بكل شخص ومخلوق صغيراً كان أو كبيراً.

وأما الآية الثالثة {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} أي بحفظنا ورعايتنا لها وبمرأى منا وليس هذا من قبيل التأويل كما زعم المخالف بل هو المعنى الحقيقي ولهذا قال تعالى: {بِأَعْيُنِنَا} ولم يقل في أعيننا أي تجري على مرآه عزّ وجلّ وحفظه.

وأما قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} فهو مجيء حقيقي ولا نحتاج إلى أي تأويل له للأدلة الأخرى من القرآن الكريم والسنة النبوية فمن أوله إلى مجيء أمره أو مجيء ملك كبير ونحو ذلك فقد خالف الحق ومذهب السلف إذ لا مانع من مجيء الله تعالى.

وأما الآية: {أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} فإن الجواب عنها هو كالجواب في "وجاء ربك" فالإتيان والمجيء والنزول كلها صفات حقيقية نعرف معانيها ونتوقف في معرفة كيفياتها ولا نحتاج إلى أي تأويل لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>