للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفى ما عداهما والآية كذلك واردة على سبيل التبعيض بمن، أي بعضكم كافر وبعضكم مؤمن. وهذا لا شك في وقوعه ولم تدل الآية على مدعى الخوارج أن أهل الذنوب داخلون في الكفر.

وأما وجه استدلالهم بالآية الثانية:.

فقد زعموا أنها شاملة لكل أهل الذنوب، لأن كل مرتكب للذنب لابد وأنه قد حكم بغير ما أنزل الله. وقد شملت الفساق لأن الذي لم يحكم بما أنزل الله فيجب أن يكون كافر والفاسق لم يحكم بما أنزل الله حين فعل الذنب.

وهذا الاستدلال مردود كذلك لأن الآية واردة على من استحل الحكم بغير ما أنزل الله. أما أن يدعى الشخص إيمانه بالله ويعترف بأن الحق هو حكم الله فليس بكافر وإنما من أصحاب المعاصي حتى تقام عليه الحجة.

وأما وجه استدلالهم بالآية الثالثة.

فهو أن صاحب الكبيرة لابد وأن يجازي - على مذهبهم - وقد أخبر القرآن أنه لا يجازى إلا الكفور. والفاسق ثبتت مجازاته عندهم فيكون كافراً.

وهذا الدليل مردود عليهم، وينقضه أن الله يجازي الأنبياء والمؤمنين وهم ليسوا كفاراً، وبأن الآية كانت تعقيباً لبيان ذلك العقاب الذي حل بأهل سبأ، وهو عقاب الاستئصال، وهذا ثابت للكفار لا لأصحاب المعاصي. (١) .


(١) انظر تفسير الفخر الرازي لهذه الآيات من سورة سبأ. وانظر جامع البيان: ٤/ ١٩، ٣٠/ ٢٢٦، وانظر تفسير الطبري: ٦/ ٢٥٢، فتح القدير: ٥/ ٤٥٣، ٢/ ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>