واستحلال دمائهم والشواهد في كتب الفرق كثيرة كقتلهم عبد الله بن خباب بن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره في حوادث كثيرة إلا أن أشد من بالغ في تكفير المخالفين لهم وأعمل فيهم السيف هم الأزارقة وفرقة منهم تسمى البيهسية وكذلك أتباع حمزة بن أكرك.
- أما المعتدلون منهم - وهو اعتدال لا يكاد يذكر - فنجد مثلاً الأخنسية منهم يحرمون الغدر بالمخالفين أو قتلهم قبل الدعوة وجوزوا تزويج المسلمات - منهم لمخالفيهم - الذين يعتبرونهم مشركين، وكذلك بعض البيهسية.
ومن أكثر المعتدلين والمتسامحين مع المخالفين هو تلك الشخصية المرموقة عند كافة الخوارج أبو بلال مرداس بن أدية فقد خرج وهو يقول لمن يلقاه أنا لا نخيف أمناً ولا نجرد سيفاً وكان مما آثاره للخروج على الدولة أن زيادا ذات يوم خطب على المنبر وكان مرداس يسمعه فكان من قوله ((والله لآخذن المحسن منكم بالمسيء والحاضر منكم بالغالب والصحيح بالسقيم)) .
وهذا بالطبع لا يحتمله الخوارج فقام إليه مرداس فقال قد سمعنا ما قلت أيها الإنسان وما هكذا ذكر الله عز وجل عن نبيه إبراهيم عليه السلام إذا يقول:{وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}(١) وأنت تزعم أنك تأخذ المطيع بالعاص ثم خرج عقب هذا اليوم.
وينبغي أن يعلم أن كل فرقة لابد فيها من غلاة يخرجون على جمهورهم إلا أن السمة الغالبة على الخوارج الشدة على المخالفين لهم