ومعلوم أنه لن تعود للمسلمين عزتهم ومكانتهم بين الأمم إلا إذا عادوا بصدق وإخلاص إلى كتاب ربهم وإلى سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم.
ولكن ومهما شعر بمرارة هذا التفرق ومهما بذلت من المحاولات لتكريس الفرقة - فإن الأمل يزداد في تجاوز المسلمين لهذا المحن. ومما يبشر بالخير ويجدد الآمال - هو إقبال الشباب على معرفة أسباب تلك التركة المشؤومة التي ورثوها، تلك التركة التي تحكم الفرقة بينهم وتجعل منهم أحزاباً كل حزب بما لديهم فرحون، فجندوا أنفسهم للقضاء عليها وإعادة الوحدة الإسلامية بين قلوب المسلمين؛ ليصبحوا مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وهي محاولات تحتاج إلى الصبر والإخلاص والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وإجلاء الأمور على حقيقتها؛ فإن الأمر لا يحتاج إلى أكثر من التذكير، وإذا شاء الله شيئاً يسره:{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} .
وقد طمعت في أن أدلي بدلوي المتواضع؛ لأتقدم إليك أخي القارئ بما يعتلج في صدري إزاء هذا التفرق الحاصل بين المسلمين؛ لأذكرك بالأسباب التي أدت إليه وما يبيته أعداء دينك لك، وما هو الواجب علينا أن نقوم به إزاء عقيدتنا ووحدة قلوبنا، وكشف كل المحاولات التي تهدف إلى تعميق الفرقة بيننا، وإلى إبعادنا عن تحقيق قوله الله تعالى:{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} وقوله تعالى: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ} .
أخي القارئ الكريم، لقد كنت ولا زلت أنظر إلى ما قدمته إليك في هذا