وقول هؤلاء: إن الرسول يقاتل بين يدي عليّ بن أبي طالب، ويبايعه المهدي الذي هو من ولدهما- إهانة واستخفاف بحق الرسول صلى الله عليه وسلم، وإهانة أيضاً لعلي رضي الله عنه، إضافة إلى تفسيرهم دابة الأرض بأنها علي رضي الله عنه، ولقد صدق عليهم الحديث:((إذا لم تستح فاصنع ما شئت)) (١) .
وأما ما زعموه من عقوبة خيار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من صلبهما على شجرة وهي رطبة فتصبح يابسة، فهو افتراء ومخالفة للعقل والواقع، إذ كيف يعقل أن يجازيا بقتل الحسين وليس لهم بذلك صلة، ثم إن ذنبهما -إن كان أخذ الخلافة ذنب- لا يعقل أن يصل إلى هذا الحد من العقوبة.
ثم كيف يجازيهما الله أمام أقوام لم يشهدوا ذنبهما ولم يعرفوا له سبباً، إذ الأولى أن يتم جزاءهما أمام من شهد أمرهما في الوقت الذي آذوا فيه أهل البيت حتى تقر أعينهم بجزائهما، مع أن إثبات هذا العقاب يؤدي في النهاية إلى عكس ما يريد الشيعة، ويناقض أقوالهم، وذلك:
١- أن أولئك الناس لو أرجعهم الله إلى الدنيا للجزاء قبيل يوم القيامة لكان أمرهم في الآخرة إلى الجنة، إذ من الظلم أن يعذبوا مرة أخرى، فحصل لهم بتعذيبهم في رجعتهم إلى الدنيا تخفيف وراحة.
وهذا ينقض ما ذهب إليه الإمامية، فإنه على أصولهم أن عذاب جهنم لا بد وأن يكون مستمراً على من آذى آل البيت، ثم ما هو الداعي إلى هذه العجلة يخرجهم فيعذبهم ثم يموتون ويعذبون مرة أخرى، وأيضاً لماذا لم تكن
(١) أخرجه البخاري ٦/٣٥١٥ الفتح، وأحمد في المسند ٤/ ١٢١، وأبو داود ٥/١٤٨ وابن ماجه ٢/ ١٤٠٠.