ثم تطور الخلاف بين المسلمين من سيء إلى أسوأ، إلى أن وصل الحال إلى الواقع المؤسف الذي نعيشه اليوم من التباكي على الوحدة الإسلامية التي صارت صعبة المنال، بما اقترفوه من أفكار نفرت بعضهم عن بعض، وأذكى علماؤهم الأحقاد، وضخموا حجم الخلافات حتى صاروا فرقاً متناحرة، وتكثروا من ألقاب المدح بما لم يفعلوا، وصدق عليهم قول الشاعر الأندلسي:
ألقاب مملكة في غير موضعها ... كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد
وتوالت على المسلمين الضربات والإهانات، وتأمر عليهم أهل الشرق والغرب، ونسوا أن الله طلب منهم أن يكونوا أشداء على الكفار رحماء بينهم، فذل المسلمون ذلاً شنيعاً وخصوصاً في عصرنا الحاضر، ولكنهم لم يستيقظوا من الضربات، ولا تدري هل ذلك من هول ما أصابهم، أم يطلبون المزيد من الإهانات.
والعرب بخصوصهم الذين كانوا قبل الإسلام أذل الناس، يريد الكثير منهم الآن العودة إلى تلك الجاهلية التي أخرجهم الله منها، وأبدلهم بالهدى والنور بعد أن كانوا على شفا حفرة من النار، وسيعلمون لو تم لهم ما يريدون- لا سمح الله- كم جَنَوْا على أنفسهم وعلى أمتهم، وهؤلاء أحد عوامل الهدم وإضعاف المسلمين. فقد توالت على المسلمين عوامل كثيرة أضعفتهم، عوامل خارجية أتقن تخطيطها أعداؤهم، فضربوهم في عقر دارهم، وحاربوا الدعوات الإسلامية بشتى الأساليب، وتأثر كثير ممن ينتسب إلى الإسلام بالدعايات المضللة، وبقي قلة من المخلصين قد خذلهم القريب والبعيد وهم نواة الخير في الأرض، ولن يخذلهم الله تعالى.
وعوامل داخلية من العصبية البغيضة، وإثارة النعرات الجاهلية، واتباع