للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخافوا أهل العراق والشام إلى أن هلك أبو سعيد هذا في عام٣٠١هـ فتولى بعده ولده أبو طاهر الجنابي وكثر دعاة القرامطة وصارت لهم دولة (١) .

وفي سنة ٣١٧هـ اشتدت شوكتهم جداً وتمكنوا من الوصول إلى الكعبة، والناس يوم التروية، فما شعروا إلا والقرامطة برئاسة أبي طاهر الجنابي قد انتهبوا أموالهم وقتلوا كل من وجدوا من الحجيج في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الكعبة.

وجلس أميرهم أبو طاهر -بل أبو النجس- على باب الكعبة والرجال تصرع حوله، والسيوف تعمل في المسجد الحرام، في الشهر الحرام، في يوم التروية، وكان يقول هذا الملعون: أنا الله وبالله أنا، أنا أخلق الخلق وأفنيهم أنا -تعالى الله عما يقول علواً كبيراً-، ولم يدع أحداً طائفاً أو متعلقاً بأستار الكعبة إلا قتله.

ثم أمر بإلقاء القتلى في بئر زمزم، وأمر بقلع باب الكعبة، ونزع كسوتها عنها، ثم أمر بأن يقلع الحجر الأسود، فجاء قرمطي فضرب الحجر بمثقل في يده وهو يقول: أين الطير الأبابيل، أين الحجارة من سجيل، ثم قلعه وأخذوه معهم، فمكث عندهم اثنين وعشرين سنة (٢) ، وهو ابتلاء من الله للمسلمين في ذلك الوقت.

وفي نفس هذه السنة نبغت لهم نابغة في بلاد المغرب عرفت باسم الفاطميين على يد زعيمهم أبي محمد عبيد الله بن ميمون القداح، وكان يهودياً صباغاً بسلمية فادعى أنه أسلم ثم سافر من سلمية فدخل بلاد المغرب، وادعى أنه شريف فاطمي فصدقته طائفة كثيرة من البربر حتى صارت له دولة


(١) البداية والنهاية ص٨١
(٢) المصدر السابق ص ١٦٠-١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>