تقوم لهم قائمة - لا سمح الله- إذا نجح هؤلاء النقلابيون على كل شيء حتى على دينهم ورسالة نبيهم، لأنهم يريدون قلب كل شيء، وتحويل كل معتقد إلى معتقداتهم الفاسدة، ثم السير بهم في تلك السبل التي تربوا عليها، وهي السبل التي حذرنا الله من سلوكها، إن المتتبع لنشاط هؤلاء ودوافعهم تنكشف له اللعب السياسية والاجتماعية الخطيرة التي تدفع بأتباعها من ظهورهم إلى حيث لا يدرون، ومن حيث لا تمكنهم من معرفة ما هم واردون عليه.
قد أحاطوهم بصراخ وعويل أفقدوهم حتى مجرد اللحظة التي يفكرون فيها، وبخبث ودهاء تظافرت جهودهم يصدق بعضها بعضاً، الجريدة، والمجلة، والكتاب، والتلفزيون، والإذاعة، وإعلانات الشوارع، وندوات المجالس، ونثر ونظم، وتمثيليات وفكاهات؛ فأحاطوهم من كل جهة، ودخلوا معهم في كل مجال من مجالات الحياة.
وجعلوهم لا يفكرون إلا فيهم، وفي تنفيذ دعاياتهم في كل وقت -وهم يمشون، أو على مكاتبهم، أو في بيوتهم، أو في اجتماعاتهم، أو في انفرادهم؛ حتى أخذوا منهم كل أوقاتهم، وخدعوهم عن كل ما يمت إلى تدبر أمرهم فأصبحوا فريسة سهلة، لا حراك بها أمام هؤلاء سراق عقول البشر الذين يصطادون في الماء العكر، قد دخلوا في المجتمعات المحافظة على سلامة عقيدتها كما تدخل الجراثيم.
فأصبح الكثير من شباب الأمة الإسلامية - إلا من رحم الله- عقولهم معهم وأيديهم تكتب عنهم وتمجدهم وأرجلهم تمشي إلى مجالسهم، وألسنتهم تنطق بدعاياتهم وأكاذيبهم وحيلهم. ولا شك أن ثمن ذلك كله تفرق الكلمة وتشتت الآراء تحت غطاء إصلاح وتقدم الأمة، والوصول إلى التطور