للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (١) ، وقال تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} (٢) .

ومن المعلوم أن أصحاب هذا الاختلاف بعد وجود البينات.. إنما هم علماء السوء الذين يظهرون منها ما يوافقهم ويخفون منها ما لم يتفق وهواهم.

وفتنة هؤلاء من أعظم الفتن حيث أضلوا الناس بغير علم ولا هدى، ومن حيث كان أتباعهم يتوقعون منهم معرفة الحق والوصول إليه، فصار هؤلاء العلماء يحرمون ما يشاءون ويحللون ما يشاءون، ويفتون بما يريدون، ثم جعلوا أتباعهم وراء ستار كثيف من الجهل والنفور عن الآخرين؛ لئلا يكتشف جهلهم.

وجرت الرياح بما تشتهي سفنهم ووجدت لهم عوامل كثيرة ساعدتهم وقوَّت من عزائمهم فأبعدوا الهوة بينهم وبين الوصول إلى الحق واجتماع الكلمة عليه، وقد حذرنا من لا ينطق عن الهوى سوء فعل هؤلاء حيث قال صلى الله عليه وسلم: ((وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين)) (٣) .

وفي رواية أخرى قال صلى الله عليه وسلم: - ((أخوف ما أخاف على أمتي منافق عليم اللسان يجادل بالقرآن)) (٤) .

أما بالنسبة للسبب الثاني وهو غلبة الجهل وفشوه بين أوساط عوام


(١) سور آل عمران:١٠٥
(٢) سورة البينة:٤
(٣) انظر اقتضاء الصراط المستقيم صـ ٣٤ نقلاً عن البرقاني في صحيحه.
(٤) جامع بيان العلم وفضله صـ ١٩٣ وعزاه إلى ابن عدي في الكامل عن عمر رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>