زهد كثير من المسلمين عن البحث في حقيقة تلك الفرق فجعلوا الأخطار التي تبين لهم، فلم يعد البحث عن تلك الطوائف والتصدى لها مثال أخذ ورد بين الكثير من طلاب العلم - فضلاً عن العامة - وفي مقابل هذا أقول بكل تفاؤل: إنه مما يسرني جداً في أثناء تدريسي لهذه المادة شدة رغبة وإقبال الشباب على تفهم ودراسة أفكار تلك الطوائف ومعرفة جذورها التاريخية وعقائدها المختلفة وأفكارها المتباينة بحماس واضح ورغبة صادقة؛ بعد ما اتضح لهم مقدار الحاجة إلى مثل هذه الدراسة.
ولقد كانت هذه الفرق التي يموج بها العالم الإسلامي ودراستها، ومعرفة مخاطرها الظاهرة والخفية على الإسلام والمسلمين محل اهتمامي؛ فكنت أقرأ كل ما تيسر لي الاطلاع عليه من كتب علماء السنة، وما كتبه غيرهم، ثم أثبت كل ما استحسنته وكان صواباً من تلك الكتب أثناء دراستي لها من فوائد علمية، وآراء مهمة، ومناقشات هادفة، فجمعت شتات كثير من الفوائد التي تهم الراغب في دراسة الفرق مع بيان الحق ورد كل ما يعارض الاعتقاد السليم، ولم أهتم بذكر الفرق الفرعية بكل طائفة إلا ما دعت إليه الحاجة وهو قليل وقد كتبت كل ذلك لنفسي، فلما اجتمع لي ما استحسنته من إثبات شتات كثير من المعلومات عن الفرق في مكان واحد رجوت الله تعالى أن ينفعني وإخواني طلاب العلم به، وأن يكون منجداً أولياً لدراسي الفرق.
ولرغبة الأحبة من طلاب العلم قدمته لهم، سائلاً المولى جلت قدرته أن يجدوا فيه ما ينفعهم ويعينهم على فهم حقيقة تلك الفرق التي يدرسونها.
مع اعتذاري عما يوجد فيه من سهو أو تقصير؛ فالخير أردت والكمال لله وحده. ولكل امرئ ما نوى....