للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد كان القادياني لبقاً في إبداء فكرته، يمشي خطوة خطوة وينتقل من مرحلة إلى مرحلة، فبدأ يتكلم عن الإلهام والعلم الباطني والعلم اليقيني كمنزلة طبيعية يصل إليها الإنسان بلزوم متابعة النبي صلى الله عليه وسلم والاضمحلال فيه على طريقة الصوفية، ويتكلم عن صفات النبوة والنبي الذي يجمع هذه الخصائص وإمكان ذلك.

ولعله كان يدرس الأحوال ويتأكد من جود المحيط المناسب لهذه الدعوى الكبيرة التي ستحدث الضجة العظيمة التي كان يترقبها في المجتمع الإسلامي حين إعلانها. وقد حدث الحادث المرتقب عام ١٩٠٠م حينما ألقى إمام مسجده-ويسمى عبد الكريم- خطبة الجمعة معلناً فيها أن الغلام صار نبياً رسولاً؛ لا يؤمن بالله من لا يؤمن به. وحصلت المفاجأة واندهش المصلون لهذا الحدث الغريب، وحصل الجدال والنقاش بين هذا الخطيب وبين المسلمين الذين ما كانوا يعرفون عنه إلا أنه عالم ومجدد وداعية إلى الإسلام ومناظراً لخصومه.

فعاد عبد الكريم وألقى خطبة أخرى في هذا المعنى في الجمعة الثانية، والتفت إلى الغلام أحمد وقال له: ((أنا أعتقد أنك نبي ورسول فإن كنت مخطئاً نبهني على ذلك، ولما قضيت الصلاة وهمّ الميرزا بالانصراف أمسك الخطيب عبد الكريم بذيله وطلب منه توضيح هذا الأمر، فأقبل إليه الميرزا قال: ((هذا الذي أدين به وأدعيه)) ، فارتفعت الأصوات بالنقاش فخرج الميرزا من بيته وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} (١) .


(١) محاضرة السيد سرور شاه القادياني - صحيفة الفضل القاديانية عدد (٥١) مجلد ٤١٠ يناير ١٩٢٣م، القادياني والقاديانية ص٦٦، ٦٧، الآية من سورة الحجرات:٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>