والجود، ورفع التكاليف عن بعض فضلائهم حين يتصلون بالله عز وجل علي حد زعمهم، ويصلون إلي درجة اليقين وظهور المكاشفات، ثم هم بعد ذلك درجات في تطبيق هذا المفهوم.
ولقد ذكر القشيري في "رسالته" عدداً من الآراء الصوفية في مفهوم التصوف والصوفي، حيث قال:
"وتكلم الناس في التصوف ما معناه، وفي الصوفي من هو؟ فكل عبر بما وقع له، واستقصاء جميعه يخرجنا عن المقصود من الإيجاز، وسنذكر هنا بعض مقالاتهم فيه علي حد التلويح".
وإذا كان القشيري قد اعتذر عن إيراد كل ذلك لكثرته مكتفياً بذكر بعض مقالاتهم، فإنني أنا كذلك أعتذر عن إيراد كل ما ذكره القشيري لكثرته أيضاً، وأذكر من ذلك ما نقله عن الجنيد أنه قال:
"إذا رأيت الصوفي يعني لظاهره فاعلم أن باطنه خراب".
وقال القشيري:
"سمعت أبا حاتم السجستاني يقول: سمعت أبا نصر السراج يقول: سئل ابن الجلاء: ما معني قولهم صوفي؟ فقال: ليس نعرفه في شرط العلم، ولكن نعرف أن من كان فقيراً مجرداً من الأسباب وكان مع الله تعالي بلا مكان، ولا يمنعه الحق سبحانه عن علم كل مكان، يسمى صوفياً". ونقل عن أبي يعقوب المزابلي أنه قال:"التصوف حال تضمحل فيها معالم الإنسانية".
وقال القشيري أيضاً:"سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق رحمه الله يقول: أحسن ما قيل في هذا الباب قول من قال: هذا طريق لا يصلح إلا لأقوام قد كنس الله بأرواحهم المزابل (١) ؛ ولهذا قال رحمة الله يوماً: "لو لم يكن للفقير