للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أخذ بعد منها ٥٢ طريقة نقلاً عن المنوفي في كتابه جمهرة الأولياء، الذي ذكر فيه قسماً كبيراً من طرقهم تحت عنوان "هذا بيان بشيوخ الطرق الصوفية في عصرنا" (١) .

وكل الطرق الصوفية ناتجة عن الهوى ونابعة منه ومبنية على الرغبة في الزعامة والعلو في الأرض واستعباد الناس، وصار زعماء الصوفية في مجموعهم يحرصون حرصاً شديداً على هذه الزعامة الروحية، ووصل بهم الحرص عليها أن جعلوها وراثية وكأنها جزء من المال الذي يخلفه الميت على حد ما أورده محمود أبو الفيض المنوفي الحسيني، فإنه قال بعد سرده الطويل لطرق الصوفية وأسماء مشائخها قال بعدها:

"وكل هذه الطرق تنسب كل واحدة لولي من الأولياء رضي الله عنهم، وقد يرثها حفيد أو سبط لولي من أولئك الأولياء فيكرمه الله سبحانه وتعالى بكرامة آبائه وأجداده الصالحين، فإن سار على دربهم أكرمه الله مثل ما أكرمهم، وإن فرط أو قصر أكرمه الله لأجلهم" (٢) .

وهذا جهل شنيع وكذب من أشد أنواع الكذب، فإن هذه المحاباه التي افترضوها على الله تعالى إنما هي من جنس الهوس والأماني الباطلة والقرآن مملوء بالرد على مثل هذه الافتراءات، والسنة كذلك ترد مثل هذه الأفكار الجاهلية، فالقرآن يصرح بأن {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِيِنٌ} (٣) ، وأن كل نفس {لَهَا ما كَسَبَتْ وعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (٤) . وأن صلاح الآباء - إن كانوا


(١) أنظر: جمهرة الأولياء ١/٢٧٥ - ٢٧٧، صدر ذكر تلك الطرق بقوله: "وهذا بيان بشيوخ الطرق الصوفية في عصرنا".
(٢) جمهرة الأولياء وأعلام أهل التصوف ٢/٢٧٧.
(٣) سورة الطور: ٢١.
(٤) سورة البقرة:٢٨٦

<<  <  ج: ص:  >  >>