للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هنا نجد أن الصوفية ينفرون أشد النفور من العلم عن طريق التعلم، ويفضلون ما يسمونه علم الكشف بلا واسطة وهو ما عبر عنه محي الدين بن العربي حينما كتب إلى الرازي كتاباً جاء فيه:

" إن الرجل لا يكمل عندنا في مقام العلم حتى يكون علمه عن الله عز وجل بلا واسطة من نقل أو شيخ، فإن كان علمه مستفاداً من نقل أو شيخ فما برح عن الأخذ عن المحدثات، وذلك معلوم عند أهل الله عز وجل"، إلى أن يقول: "فلا علم إلا ما كان عن كشف وشهود لا عن نظر وفكر وظن وتخمين" (١) .

ويقول الشعراني في هذا المعنى ناقلاً عن شيخه البسطامي، موضحاً مصادر التشريع في ذوقهم: "وكان الشيخ كامل أبو اليزيد البسطامي رضي الله عنه يقول لعلماء عصره: أخذتم علمكم من علماء الرسوم ميتاً عن ميت وأخذنا علمنا من الحي الذي لا يموت" (٢) .

وبعد هذا الكلام لا يلام من احتار في أمر الصوفية ومصادرهم، فبينما هم يحضون على التمسك بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وعدم الخروج عنهما إذا بهم يفصحون بالحقيقة في النهاية وهي أن مصادرهم في التشريع إنما هو الكشف والإلهام وهو فعلاً ما سلكوه في كل سلوكهم وتشريعاتهم.

وعلى نفس المعنى السابق يقول الفوتي: "إن الولي المفتوح عليه لا يتقيد


(١) الطبقات الكبرى ١/ ٥.
(٢) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>