للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن فرقت فالعرفان باد ... وإن لم فاعتبر فالبين بينه (١)

وقد ملأ كتابه الذي سماه بالفتوحات المكية أشعاراً وشروحاً لها حول هذا الاتحاد والحلول.

ويقول ابن الفارض عن الذات الإلهية كما يتصور:

ففي النشأة الأولي تراءت لآدم ... بمظهر حوا قبل حكم النبوة

وتظهر للعشاق في كل مظهر ... من اللبس في أشكال حسن بديعة

ففي مرة لبنى وأخرى بثينة ... وآونة تدعى بعزة عزت (٢)

ومن هنا نشأ عند ابن الفارض الفوضى الفكرية في تداخل جميع الأديان الحق منها والباطل، حتى صارت بجميع أشكالها شكلاً واحداً، فكأنه أراد أن يجمع بين الليل والنهار، والحار والبارد، والحق والباطل، فتصور أن الملل كلها سواء كانت شركية وثنية أو مجوسية أو نصرانية أو يهودية، الكل عنده يرجع إلى مصدر واحد وحقيقة واحدة هي الله.

وتائيته المشهورة مليئة بتأكيد هذا الخلط والاضطراب، فهو بعد أن قرر أن جميع العبادات وجميع الأفعال التي تصدر عن الناس هي نفسها أفعال الله قال عن المجوس:

وإن عبد النار المجوس وما انطفت ... كما جاء في الأخبار في ألف حجة

فما عبدوا غيري وان كان قصدهم ... سواي وإن لم يعقدوا عقد نيتي

رأوا ضوء ناري مرة فتوهموه ... ناراً فضلوا في الهدى بالأشعة (٣)


(١) الفتوحات المكية.
(٢) تائية ابن الفارض.
(٣) تائية ابن الفارض.

<<  <  ج: ص:  >  >>