للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكون (١) ، وهكذا فقد أصبح من الأمور المسلمة عند الصوفية أن هذا الكون وكل ما يحصل فيه من خير وفيض، إنما يتم عن طريق الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وفيما قدمنا من النقل عن جواهر المعاني ورماح الفوتي ما يغني عن إعادته هنا، وهذا المعتقد مقرر في كتب الصوفية كلهم من التجانية أو من غيرهم؛ ولهذا يقول المنوفي في بيان تلك القضية:

لله در القائل:

ما أرسل الرحمن أو يرسل ... من رحمة تصعد أو تنزل

في ملكوت الله وملكه ... من كل ما يختص أو يشمل

إلا وطه المصطفى عبده ... نبيه المختار المرسل

واسطة فيها واصل لها ... بعلم هذا كل من يعقل (٢)

أي أن كل من يعقل ـ ولو قال كل من يجهل لكان أصوب- يعرف تمام المعرفة أن هذا الكون وما فيه إنما هو مستمد لبقائه ووجوده من محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو الرب تعالى في تعيينه الثاني.

ويقرر ابن عطاء الله السكندري ذلك بقوله: "جميع الأنبياء خلقوا من الرحمة ونبينا صلى الله عليه وسلم عين الرحمة" (٣)

ومما لا يجهله أي مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم عبد بشر مثل سائر البشر كرمه الله


(١) هنا مربط الفرس في العقيدة الصوفية فقلما يخلو كتاب من كتبهم عن تقرير هذه العقيدة.
(٢) جمهرة الأولياء ٢/ ١٠.
(٣) لطائف المنن ص ٥٥

<<  <  ج: ص:  >  >>