للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكما اتخذ هؤلاء المسيح وعزيراً والملائكة أرباباً لهم من دون الله، اتخذ الصوفية وسطاء إلى الله عز وجل أسموهم القطب والغوث والولي ونسبوا إليهم النفع والضر، لأن الله بزعمهم جذبهم إليه واختصهم ثم ساووهم مع الله تعالى في كل صفاته، بل أصبح من شرط الولي أن يكون متصفاً بصفات الله-كما يزعمون- ومن هنا نشأ تنطعهم وتنقصهم للأنبياء على حد ما ورد عن أبي يزيد البسطامي في قوله: "خضنا بحراً وقف الأنبياء بساحله".

ثم اخترعوا مفهوماً كاذباً للولاية، فهي عندهم مجرد هبة من الله عز وجل لبعض خلقه دون أن يكون لها سبب، بل وبغض النظر عن صلاح الشخص أو فجوره، واستدلوا بقول الله عز وجل: {يختص برحمته من يشاء} (١) ، أي دون سبب حسب مفهومهم.

ومعنى هذا أنهم يجعلون مفهوم للولاية كمفهوم النبوة، الكل بلا سبب ظاهر، وهذا خلاف ما قرره الإسلام بالنسبة لولاية التي تنتج عن طاعة الله تعالى والمتابعة لنبيه صلى الله عليه وسلم.

وقد قسموا الولاية والأولياء إلى أقسام يطول شرحها بدون فائدة فيها (٢) .

إلا ما نستثنيه مما ذكره المنوفي حين قسمهم إلى:

١- الملامتية:

وهم الذين لا يظهرون للخلق أعمالاً وأسراراً، بل يخفون أسرارهم لكمال ذوقهم وقوة شهودهم لربهم.

٢- الغوث الأكبر:

وهو أكبر الأولياء والأقطاب، وهو ذات الحق باعتبار تجريدها من الاسم


(١) سورة آل عمران: ٧٤.
(٢) انظر: ما كتبه الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في كتاب الفكر الصوفي ص٢١٩، وانظر: الصوفية معتقداً ومسلكاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>