قَالَ أَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ وَلَا يَسَعُ مُسْلِمًا أَنْ يَشُكَّ فِي أَنَّ الْفَرْضَ اتِّبَاعُ قَوْلِ النَّبِيِّ وَطَرْحِ كُلِّ مَا خَالَفَهُ كَمَا صَنَعَ النَّاسُ بِقَوْلِ عُمَرَ فِي تَفْضِيلِ بَعْضِ الْأَصَابِعِ عَلَى بَعْضٍ وَكَمَا صَنَعَ عُمَرُ بِقَوْلِ نَفْسِهِ إذْ كَانَ لَا يُوَرِّثُ الْمَرْأَةَ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا شَيْئًا حَتَّى وَجَدَ وَوَجَدُوا خِلَافَهُ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: نَعَمْ هَذَا هَكَذَا وَلَا يَسَعُ مُسْلِمًا أَنْ يَشُكَّ فِي هَذَا قُلْت.
وَلَا يُقَالُ لَا يَعْزُبُ عَنْ عُمَرَ الْعِلْمُ يَعْلَمُهُ مَنْ لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ وَلَا عَنْ الْأَكْثَرِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ قَالَ: لَا لِأَنَّا قَدْ وَجَدْنَاهُ عَزَبَ، قُلْت لَهُ: أَعْطَيْت عِنْدَنَا بِجُمْلَةِ هَذَا الْقَوْلِ النَّصَفَةَ وَلَزِمَتْك الْحُجَّةُ مَعَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمُنْفَرِدًا بِمَا عَلِمْتَ مِنْ هَذَا وَعَلِمْتَ بِمَوْضِعِ الْحُجَّةِ وَأَنَّ كَثِيرًا قَدْ غَلَطَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِالْجَهَالَةِ بِكَثِيرٍ مِمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ الْعِلْمِ فِيهِ قَالَ: أَجَلْ قُلْتُ: فَقَدْ وَجَدْتُ لَك أَقَاوِيلَ تُوَافِقُ هَذَا فَحَمِدْتهَا، وَأَقَاوِيلَ تُخَالِفُ هَذَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ أَحْمَدُكَ عَلَى خِلَافِ مَا حَمِدَتْكَ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ لَك إلَّا أَنْ تَنْتَقِلَ عَمَّا أَقَمْتَ عَلَيْهِ مِنْ خِلَافٍ مَا زَعَمْت الْحَقَّ فِيهِ قَالَ ذَلِكَ الْوَاجِبُ عَلَيَّ فَهَلْ تَعْلَمُ شَيْئًا أَقَمْت عَلَيْهِ مِنْ خِلَافِ هَذَا؟ قُلْت: نَعَمْ حَدِيثًا لِرَسُولِ اللَّهِ تَرَكْتُهُ بِأَضْعَفَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ احْتَجَجْت لَهُ فِي رَدِّ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَغَيْرِهِ، قَالَ: فَاذْكُرْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، قُلْتَ لَهُ: قُلْنَا إنَّ «رَسُولَ اللَّهِ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» فَرَدَدْتُهَا وَمَا رَأَيْتُكَ جَمَعْتَ حُجَّتَكَ عَلَى شَيْءٍ كَجَمْعِهَا عَلَى مَنْ قَالَ بِهَا وَسَلَكْتَ سَبِيلَ مَنْ رَدَّ خَبَرَ الْمُنْفَرِدِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ بِتَأَوُّلِ الْقُرْآنِ وَنَسَبْتَ مَنْ قَالَ بِهَا إلَى خِلَافِ الْقُرْآنِ وَلَيْسَ فِيهَا مِنْ خِلَافِ الْقُرْآنِ شَيْءٌ وَلَا فِي شَيْءٍ يَثْبُتُ عَنْ النَّبِيِّ وَإِنَّمَا ثَبَتَ الشَّهَادَةَ عَلَى غَيْرِك بِالْخَطَأِ فِيمَا وَصَفْتَ مِنْ رَدِّ الْمَسْحِ، وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ بِمِثْلِ مَا رَدَدْت بِهِ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ بَلْ حُجَّتُكَ فِيهَا أَضْعَفُ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ: قَدْ عَلِمْنَا أَنْ لَا حُجَّةَ لَهُ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ الْقُرْآنِ، وَرَدِّ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ تَرَكَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَأَحَلَّ أَكْلَ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَقَطْعَ كُلِّ مَنْ لَزِمَهُ اسْمُ سَرِقَةٍ، وَعَطَّلَ الرَّجْمَ إنْ كَانَ مِنْ حَدَثٍ بِهَا مِمَّنْ يُثْبِتُ أَهْلُ الْحَدِيثِ حَدِيثَهُ أَوْ حَدِيثَ مِثْلِهِ بِصِحَّةِ إسْنَادِهِ وَاتِّصَالِهِ بِهَا.
وَقَالَ هُوَ وَهْمٌ وَلَكِنَّهَا رُوِيَتْ فِيمَا عَلِمْنَا مِنْ حَدِيثٍ مُنْقَطِعٍ وَنَحْنُ لَا نُثْبِتُهُ فَقُلْت: لَهُ فَقَدْ كَانَتْ لَك كِفَايَةٌ تُصَدَّقُ بِهَا وَتُنْصَفُ وَتَكُونُ لَك الْحُجَّةُ فِي رَدِّهَا لَوْ قُلْت: إنَّهَا رُوِيَتْ مِنْ حَدِيثٍ مُنْقَطِعٍ؛ لِأَنَّا وَإِيَّاكَ وَأَهْلَ الْحَدِيثِ لَا نُثْبِتُ حَدِيثًا مُنْقَطِعًا بِنَفْسِهِ بِحَالٍ فَكَيْفَ خَبَّرْت بِأَنَّهَا خِلَافُ الْقُرْآنِ فَزَعَمْتَ أَنَّك تَرُدُّهَا إنْ حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ وَأَنْتَ لَا تَرُدُّ حُكْمَ حَاكِمٍ بِرَأْيِهِ وَإِنْ رَأَيْته أَنْتَ جَوْرًا قَالَ فَدَعْ هَذَا فَقُلْت: نَعَمْ بَعْدَ عِلْمٍ بِأَنَّك أَغْفَلْتَ أَوْ عَمَدْت أَنَّك تُشَنِّعُ عَلَى غَيْرِك بِمَا تَعْلَمُ أَنْ لَيْسَتْ لَك عَلَيْهِ فِيهِ حُجَّةٌ وَهَذَا طَرِيقُ غَفْلَةٍ أَوْ ظُلْمٍ، قَالَ: فَهَلْ تَثْبُتُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ فَإِنَّمَا عَرَفْنَا فِيهَا حَدِيثًا مُنْقَطِعًا، وَحَدِيثًا يُرْوَى عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ مُتَّصِلًا فَيُنْكِرُهُ سُهَيْلٌ وَيَرْوِيهِ رَجُلٌ لَيْسَ بِالْحَافِظِ فَيُحْتَمَلُ لَهُ مِثْلُ هَذَا قُلْت مَا أَخَذْنَا بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ لَكِنْ عِنْدَنَا فِيهَا حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَاذْكُرْهُ قُلْت: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ «النَّبِيَّ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ».
وَأَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ مِثْلَهُ، قَالَ: مَا سَمِعْته قَبْلَ ذِكْرِك الْآنَ قُلْت أَنُثْبِتُ نَحْنُ وَأَنْتَ مِثْلَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: فَلَزِمَكَ أَنْ تَرْجِعَ إلَيْهِ، قَالَ فَأَرُدُّهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْبَيِّنَةُ عَلَى مِنْ ادَّعَى وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَقَدْ كَتَبْت هَذَا فِي الْأَحَادِيثِ الْجُمَلِ وَالْمُفَسِّرَةَ وَكَلَّمْته فِيهِ بِمَا عَلِمَ مَنْ حَضَرَ بِأَنَّهُ لَمْ يَحْتَجَّ فِيهِ بِشَيْءٍ وَقَدْ وَصَفْتُ فِي كِتَابِي هَذَا الْمَوَاضِعَ الَّتِي غَلِطَ فِيهَا بَعْضُ مَنْ عَجَّلَ بِالْكَلَامِ فِي الْعِلْمِ قَبْلَ خِبْرَتِهِ وَأَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ.
وَالْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ كَلَامٌ عَرَبِيٌّ مَا كَانَ مِنْهُ عَامُّ الْمَخْرَجِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ كَمَا وَصَفْت فِي الْقُرْآنِ يَخْرُجُ عَامًّا وَهُوَ يُرَادُ بِهِ الْعَامُّ وَيَخْرُجُ عَامًّا، وَهُوَ يُرَادُ بِهِ الْخَاصُّ وَالْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى عُمُومِهِ وَظُهُورِهِ حَتَّى تَأْتِيَ دَلَالَةٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ خَاصًّا دُونَ عَامٍّ وَيَكُونُ الْحَدِيثُ الْعَامُّ الْمُخَرَّجِ مُحْتَمِلًا مَعْنَى الْخُصُوصِ بِقَوْلِ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute