للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

حصوله قبل، أو توقع حصوله.

وإذا كان كذلك، فالمسألة على هذا مختلف فيها بين أهل اللسان.

وعليه فسؤال القرافي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ إنما يتوجه على مذهب النحويين خاصة، ولا يتم جوابه إلا على هذه الطريقة خاصة.

وجواب السبكيين ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ غير بين، فمذهب البلاغيين الذي اختارا ليس فيه نظر إلى الزمان أصلا، وتأويل الحال بحال التلبس لا يستقيم، والمقابلة بالماضي والاستقبال، مانعة منه، كما بينه ابن عاشور ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ وليس فيه انقسام إلى حقيقة ومجاز بالنسبة لمن حصل له اتصاف بالمعنى في وقت.

وهذا المنقول غير بين أيضا، فالانقسام للحقيقة والمجاز حاصل في الصفة المشبهة أيضا، فلا فرق بين قولك: زيد ضارب عمرا، وقولك: زيد حسن، فإذا لم يكن زيد متصفا بالضاربية أو الحسن في الوقت الذي وصفته فيه بذلك، بل أطلقت عليه الوصفين باعتبار اتصافه بهما سابقا مثلا، كان مجازا.

وما نُسب للنحاة، هو الفرق عندهم بين اسم الفاعل والصفة المشبهة.

فاسم الفاعل هو الدال على الحدوث، وإن جيء به من فعل لازم، ويؤتى به حينئذ على فاعل، كما أشار إليه ابن مالك ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله:

وفاعل صالح للكل إن قصد الـ … ــحدوث، نحو غدا ذا جاذل جذلا

وما قصد به الثبوت صفة مشبهة لا اسم فاعل، وإن صيغ من فعل متعد، عند من يجيز ذلك.

وأما الأصوليون فالمراد عندهم هنا الصفة عموما، والله سبحانه وتعالى أعلم.

والمتجه أن الجواب الأقعد بالقواعد الأصولية: أن الوصف العام ـ مثلا ـ لا نظر فيه للوقت، فهو حقيقة في أفراده في كل زمن، بل لا يتأتى فيه النظر إلى الوقت، إذ لم يحكم فيه لذات معينة، حتى ينظر هل هي متصفة بمعناه أو لا.

وسيأتي ـ إن شاء الله سبحانه وتعالى ـ للشيخ ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في العموم، استلزام العموم في الذوات، العموم في الأزمنة، حيث يقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>