فإطلاق اسم الفاعل حقيقة في كل ذات قام بها معناه، سواء كان قيام المعنى بها حاصلا وقت النطق به أو لا، فالسارق في الآية الكريمة حقيقة في كل من حصلت منه السرقة وقت نزول الآية، وفي من تحصل منه بعد ذلك، لكن بعد حصولها منه.
وقال الطاهر ابن عاشور ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في هذا إنه: يفضي إلى هدم قاعدة الزمان في الفعل الذي حمل عليه اسم الفاعل، إذ الزمان في الفعل هو زمان النطق بلا شك، وإلا لم يتصور ماض ومستقبل أبدا.
وأجاب القرافي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بأن محل التفصيل المذكور إذا كان الوصف محكوما به، كقولك: زيد سارق.
وهو المراد بقوله: أو حالة النطق بما جا مسندا.
فإن كان محكوما عليه، كان الإطلاق حقيقة مطلقا في من حصل منه الاتصاف بذلك المعنى، سواء كان اتصافه به واقعا حال النطق، أو سابقا عليه، ويكون حقيقة في من يتصف به بعد الإطلاق، بعد اتصافه به، لا مطلقا، كما توهمه ابن عبد السلام، كما بينه ابن عرفة ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ في الجزء الثالث عشر من مختصره الفقهي في رد الاستدلال بآية (ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا) على وجوب التحمل، فلا يرد ما أشار إليه بعضهم، من أن هذا التفصيل يؤدي إلى أمور مخالفة للإجماع.
وإلى هذا أشار ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله: وغيره العموم فيه قد بدا.
وذكر بعضهم أن لاسم الفاعل واسم المفعول استعمالين:
أحدهما: إرادة ذات متصفة بالمشتق منه، من غير اعتبار زمان ولا حدوث، فيكون كاسم الجنس، لا دلالة له على الزمان، ويكون حقيقة في كل من اتصف به بعد اتصافه به، سواء كان اتصافه به سابقا على وقت التكلم، أو مصاحبا، أو متأخرا، وهذا هو معناه عند البيانيين.
والثاني: قصد الحدوث، وظاهر أنه لا يكون حقيقة في هذا الاستعمال إلا إذا كان الاتصاف به حاصلا وقت الكلام.
فإن أريد الحدوث، ولم يكن الاتصاف حاصلا وقت الكلام بذلك، كان مجازا باعتبار