فالجلد مأمور به إجماعا في من زنى، سواء قلنا إن استعمال الزاني فيه حقيقة أو مجاز. ومقتضى إطلاق القاعدة الأولى ـ وهو أيضا صريح إيرادها على الحديث الشريف المذكور ـ امتناع الحمل على المجاز، وإن قامت قرينة على إرادته، كما في الحديث الشريف " ما لم يتفرقا " ورد ذلك أظهر من أن يذكر، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وأما ما نقل عن بعض أرباب الحواشي من انبناء الخلاف في الرجوع في السلعة إذا فلس المشتري أو مات على هذا الأصل، وأن المالكية خالفوا أصلهم هنا فهو غير بين، فاعتقاد المجازية في ذلك لا يمنع من الحمل عليه، خاصة مع انتصاب القرينة على إرادته، والتصريح به في بعض الروايات، فحمله على البائع لا يستلزم القول بكونه حقيقة فيه.
وأما مذهب المالكية فأصله ما رواه مالك ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في موطئه عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أن رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ـ قال: " أيما رجل باع متاعا، فأفلس الذي ابتاعه منه، ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئا، فوجده بعينه، فهو أحق به، وإن مات الذي ابتاعه، فصاحب المتاع فيه أسوة الغرماء "
فما كسارق لدى المؤسس … حقيقة في حالة التلبس
أو حالة النطق بما جا مسندا … وغيره العموم فيه قد بدا
أشار بهذا إلى ما أجيب به عن الاشكال الذي أورده القرافي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ على استلزام ما تقدم من أن إطلاق المشتق إنما يكون حقيقة ما دام المعنى قائما بالمشتق له، كون إطلاق اسم السارق مثلا على من لم يقم به وصف السرقة حال الإطلاق، مجاز، فيكون تناول نحو آية (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) لمن تحصل منه السرقة مجازا، والإجماع على أنه حقيقة.
فمن ذلك ما أجاب به الإمام تقي الدين السبكي وابنه تاج الدين ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ وهو الذي أشار إليه ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بأول البيتين.
فالمراد بالمؤسس فيه: السبكيان.
ومعناه أن المراد بالحال في ما سبق: حال التلبس، لا حال النطق والكلام.