للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

والمتجه أن منه ما هو نص في قصد الحقيقة، نحو جاء زيد نفسه، ومنه ما هو ظاهر في ذلك، ككل، ولذلك أكدت بأجمع، كقوله سبحانه وتعالى: (فسجد الملئكة كلهم أجمعون) والله سبحانه وتعالى أعلم.

وللرديفين تعاور بدا … إن لم يكن بواحد تُعبدا

وبعضهم نفي الوقوع أبدا … وبعضهم بلغتين قيدا

التعاور: التعاقب، والمراد بهذه المسألة، أنه إذا صح التعبير بأحد المترادفين في موضع، فهل يلزم أن يصح التعبير بمرادفه بدله، لأنهما مترادفان، فإذا صح التعبير في تركيب بكلمة، لزم أن يصح التعبير في موضعها بمرادفها.

فإذا صح مثلا أن تقول: إذا تكلم زيد بكذا، لزم أن يصح أن تقول: إذا نطق زيد بكذا، لأنهما مترادفان، لا زيادة لأحدهما على الآخر.

ولا فرق في هذا من جهة المعنى بين كونهما من لغة واحدة، أو من لغتين.

وقيل: لا يلزم من صحة التعبير بأحدهما في موضع، صحة التعبير بالآخر فيه.

وأما استثناء التعبد، فلا معنى له، لأن المراد لزوم صحة الإبدال، من جهة اتحاد المعنى الوضعي لا الإبدال بالفعل.

وفرق بعض، فأوجب ذلك في اللغة الواحدة، ومنعه في لغتين، كالعربية والفارسية. وما ذكرنا في تفسير المسألة من أن الاختلاف في اللزوم هو الظاهر في المعنى، وهو الذي عبر به طائفة كالفخر الرازي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ وغيره، ونص الرازي في المحصول: المسألة الثالثة في أنه هل تجب صحة إقامة كل واحد من المترادفين مقام الآخر أم لا؟

الأظهر في أول النظر ذلك، لأن المترادفين لا بد وأن يفيد كل واحد منهما عين فائدة الآخر، فالمعنى لمَّا صح أن ينضم إلى معنى حين ما يكون مدلولا لأحد اللفظين، لا بد وأن يبقى بتلك الصفة، حال كونه مدلولا للفظ الثاني، لأن صحة الضم من عوارض المعاني، لا من عوارض الألفاظ.

والحق أن ذلك غير واجب، لأن صحة الضم قد تكون من عوارض الألفاظ، لأن المعنى الذي يعبر عنه في العربية بلفظ " من " يعبر عنه في الفارسية بلفظ آخر، فإذا قلت

<<  <  ج: ص:  >  >>