خرجت من الدار استقام الكلام، ولو أبدلت صيغة " من " وحدها بمرادفها من الفارسية لم يجز، فهذا الامتناع ما جاء من قبل المعاني، بل من قبل الألفاظ.
وإذا عقل ذلك في لغتين، فلم لا يجوز مثله في لغة واحدة اهـ
وقد عبر طائفة بالجواز لكن الظاهر أن مرادهم ما ذكر من تعين الجواز، لا مطلق الجواز، ولذلك شرح في الإبهاج كلام صاحب المنهاج عليه.
ولفظ المنهاج: الثالثة: اللفظ يقوم بدل مرادفه من لغته، إذ التركيب يتعلق بالمعنى دون اللفظ.
ونص الإبهاج: هل يجب صحة إقامة كل واحد من المترادفين مكان الآخر، فيه ثلاث مذاهب:
أحدها: أنه غير واجب، قال الإمام ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: وهو الحق.
والثاني: أنه واجب، بمعنى أنه يصح مطلقا، وهو اختيار ابن الحاجب ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ وقال الإمام: إنه الأظهر في أول النظر.
والثالث ـ وهو اختيار المصنف وصفي الدين الهندي رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ إن كانا من لغة واحدة صح، وإلا فلا.
أما صحته إذا كانا من لغة واحدة، فلأن المقصود من التركيب إنما هو المعنى، دون اللفظ، فإذا صح المعنى مع أحد اللفظين، وجب أن يصح مع الآخر، لاتحاد معناهما.
وأما عدم صحته إذا كانا من لغتين، فلأن اختلاط اللغتين يستلزم ضم مهمل إلى مستعمل، فإن إحدى اللغتين بالنسبة إلى اللغة الأخرى بمثابة المهمل اهـ
وقد أوقع تعبير بعض أئمة الفن بعبارة غير صريحة ـ اتكالا على وضوح المعنى بالتعين ـ في تصور المسألة على غير وجهها، حيث توهم أن المراد: أنه إذا عبر عن معنى بلفظ، امتنع أن يعبر عنه بمرادفه، وتطرقوا للرواية بالمعنى.
وهذا معنى لا يستقيم، فالرواية بالمعنى في كلام الناس ضرورية الجواز، والخلاف في الحديث الشريف لمعنى يختص به، وتكلم المرء بغير لسانه أيضا معلوم الجواز، لا فرق في ذلك بين الألسن المتفرعة عن لسان واحد، والألسن المختلفة والله سبحانه وتعالى أعلم.