للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كانت المصلحة لا تحصل إلا بالمباشرة، امتنعت الإنابة، وذلك كالصلاة، والطواف، وقالت المعتزلة: لا تجوز الإنابة في البدني إلا لضرورة.

والامر ذو النفس بما تعينا … ووقته مضيق تضمنا

نهيا عن الموجود من أضداد … أو هو نفس النهي عن أنداد

وبتضمن الوجوب فرقا … بعض، وقيل لا يدل مطلقا

ففاعل في كالصلاة ضدا … كسَرقة على الخلاف يبدى

إلا إذا النصُّ الفسادَ أبدى … مثل الكلام في الصلاة عمدا

اختلف في الأمر النفسي بشيء معين مضيق الوقت، هل يستلزم النهي عن أضداده الوجودية؟

وعليه أكثر أصحاب الإمام مالك ـ رحمهم الله سبحانه وتعالى ـ وصار إليه القاضي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في آخر مصنفاته.

وحجته: امتناع تصور فعله إلا بترك أضداده، وامتناع غفلة الآمر عن ذلك، وإن كان لا يلزم استحضاره لآحاد الأضداد.

أو هو عينه، وهو مذهب الإمام أبي الحسن الأشعري، والقاضي أبي بكر ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ والجمهور من المتكلمين، والأصوليين، والمحدثين، ومن الحنفية، والشافعية، لما سبق أيضا.

وقيل: أمر الإيجاب نهي عن ضده، دون أمر الندب.

وقيل: ليس نهيا عنه ولا يتضمنه عقلا، واختاره الجويني، والغزالي، وابن الحاجب ـ رحمهم الله سبحانه وتعالى ـ لجواز الذهول عنه، وفيه ما سبق.

وقيل: نهي عن واحد من الأضداد غير معين، وهو مذهب جماعة من الحنفية، والشافعية، والمحدثين.

واحترز بالنفسي عن اللفظي، فلا خلاف في تغاير صيغتي الأمر والنهي، كما لا خلاف في تغاير مفهوميهما.

واحترز بوصف الضد بالوجودي، عن الضد العدمي، وهو عدم المأمور به، الذي هو

<<  <  ج: ص:  >  >>