الوجوب كالوارد ابتداء، خلافا لمن رأى ذلك أيضا قرينة على إرادة الإباحة، مع كثرة استعماله في ذلك لها، وهو أبين.
وقوله: للأصل هو تعليل لما ذكره من كون الأمر في الموضعين للوجوب.
بعد الوجوب النهي لامتناع … للجل، والبعض للاتساع
وللكراهة برأي بانا … وقيل للإبقا على ما كانا
معناه أن النهي الوارد بعد الوجوب، للتحريم عند الأكثرين على الأصل، وليس تقدم الوجوب عليه قرينة بمجرده صارفتة عن المعنى الموضوع له، خلافا لمن ذهب إلى ذلك.
وقد اختلف القائلون بكون ذلك قرينة صارفة عن المعنى الموضوع له، فمنهم من جعل ذلك قرينة صارفة عن إرادة النهي أصلا، فيكون للإباحة.
ومنهم من جعله قرينة صارفة عن إرادة الجزم في النهي، فجعله للكراهة.
ومنهم من جعله قرينة دالة على إرادة رفع الوجوب، فيعود لما كان عليه قبل الوجوب. … ولم يتكلموا على النهي بعد الندب، ويحتمل أنهم إنما نصوا على الوجوب لأنه أغلب، ويحتمل اختصاص الحكم به، وأن القرينة في أمر الندب أضعف، والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال في النشر: وأما النهي بعد السؤال فيحمل على ما يفهم من السؤال من إيجاب، أو ندب، أو إرشاد، أو إباحة، أو على ما يفهم من دليل خارج.
فمما ورد منه للتحريم، خبر مسلم والبخاري عن المقداد ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال: أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار، فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف، ثم قطعها، ثم لاذ مني بشجرة، فقال: أسلمت لله ـ سبحانه وتعالى ـ أفأقتله يا رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ـ بعد أن قالها؟ قال:" لا "
وحديث أنس ـ رضي الله سبحانه وتعالى عنه ـ قال رجل: يا رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ـ الرجل منا يلقى أخاه أينحني له؟ قال:" لا "(١) وحديث سعد ـ رضي الله تعالى عنه ـ في الوصية بجميع ماله، فقال صلى الله تعالى عليه