للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أشار بهذا إلى قول القرافي ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ في التنقيح:

قاعدة: الفعل على قسمين:

منه ما تتكرر مصلحته بتكرره، كالصلوات الخمس، فإن مصلحتها الخضوع لذي الجلال، وهو متكرر بتكرر الصلاة.

ومنه ما لا تتكرر مصلحته بتكرره، كإنقاذ الغريق، فإنه إذا شيل من البحر، فالنازل بعد ذلك إلى البحر لا يحصل شيئا من المصلحة، وكذلك إطعام الجائع، وكذلك كسوة العريان وقتل الكفار.

فالقسم الأول، جعله الشرع على الأعيان، تكثيرا للمصلحة، والقسم الثاني على الكفاية، لعدم الفائدة في الأعيان اهـ

مع قوله في شرحه: هذه القاعدة هي سر ما يشرع على الكفاية، وما يشرع على الأعيان، تكرار المصلحة، وعدم تكررها، فمن علم ذلك، علم ما هو الذي يكون على الكفاية، وما هو الذي يكون على الأعيان في الشريعة اهـ

وما ذكره ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ غير بين، بل الوجه في ما ذكره، أن الأمر في الكفائي أمر واحد، والمطلوب فيه شيء واحد، فإذا حصل سقط الطلب، ولم يكن لفعله مرة أخرى معنى، بخلاف العيني، فإن الأمر فيه متعدد بتعدد المكلفين، والمطلوب فيه متعدد بتعدد المكلفين أيضا، كما نصوا في العام أنه في قوة قضايا بعدد أفراده، فلا يسقط الطلب جملة، حتى يقع من جميع المخاطبين.

لكن هذا خاص بالعيني العام، كالصلوات ونحوها.

وأما العيني الخاص، فالأمر فيه واحد أيضا، فيسقط الطلب بفعله مرة، كأداء الدين، والأروش، ورد الوديعة، والمظلمة، وتطهير النجس، وأداء الكفارة، ودواء المرض، ونحو ذلك.

وما ذكره هو في القاعدة من إطعام الجائع وكسوة العريان، فإن ذلك قد يؤمر به عينا أيضا.

وتمثيله لمتكرر المصلحة بالصلوات الخمس مشكل، لأنه إن أراد تكريرها من غير تكرر

<<  <  ج: ص:  >  >>