للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

سببها، فليس ببين، لما جاء في الحديث من النهي عن الصلاة في يوم واحد مرتين، (١) وإن أراد تكريرها لتكرر سببها، فكذلك الحال في الكفائي، فإذا تكرر الغرق، أو حلول الضيفان، توجه الطلب من جديد وهذا بين، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وما ذكره من سقوط الطلب في الكفائي بفعله مرة على الجملة، ليس على إطلاقه، فقد يبقى الطلب قائما، كما في الصلاة على الجنازة عند بعض أهل العلم، وكما في بعض أحوال الجهاد، وكما في طلب العلم، ونشره، والأذان ونحوه مما هو واجب بمطلقه، مندوب الجزئيات الآتي في البيت بعد ـ إن شاء الله سبحانه وتعالى ـ وكالسلام ابتداء وردا (٢).

وما ذكره في الجنازة من امتناع القطع بحصول المغفرة ـ مثلا ـ فلا يكون لتكرير الصلاة معنى، لحصول الظن، غير بين، فإن الظن درجات، وليس الظن في صلاتين مثل الظن في واحدة، ولا الظن في صلاة الكثير، مثل الظن في صلاة اليسير، ولا الظن في صلاة الفاضل، كالظن في صلاة المفضول، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وهْو على الجميع عند الاكثر … لإثمهم بالترك والتعذر

وفعل من به يقوم مسقط … وقيل بالبعض فقط يرتبط

معينا أو مبهما أو فاعلا … خلف عن المخالفين نقلا

معناه أن الواجب على الكفاية، واجب على جميع المكلفين، أو من فيه أهلية القيام به، بدليل إثمهم جميعا، عند تركه، ولتعذر خطاب المجهول.

وإذا قام به البعض سقط عن الباقين، لتعلق الخطاب بالقدر المشترك بين المكلفين، المتحقق في كل فرد.

هذا مذهبنا، ومذهب الأكثرين.

وقيل: إن الوجوب فيه يتعلق بالبعض خاصة، واستدل له التاج السبكي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير)


(١) رواه أبو داوود، والنسائي، والإمام أحمد، وهو حديث حسن صحيح.
(٢) فإذا سلم بعض الجماعة أجزأ عن باقيهم، ويستحب لباقيهم، وكذلك في الرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>