وليس ببين جدا، لما تقدم من تعلق الطلب فيه بالقدر المشترك، ولذلك إذا ظهر المنكر فلم يغير، عم العقاب الجميع، وإذا غيره فرد برئ الجميع.
وليس المراد بخطاب الجميع، أن الجميع مطالب بمباشرته، بل هذا قد يكون منهيا عنه، لما فيه من الإخلال بالنظام، وإضاعة المصالح، كما قد يتنسم من قوله سبحانه وتعالى جل من قائل:(وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)
واختلف القائلون بتعلق الخطاب بالبعض خاصة، فقال بعضهم: إن البعض المذكور معين عند الله ـ سبحانه وتعالى ـ مبهم عندنا، يسقط الطلب بفعله وبفعل غيره، كأداء الدين.
وقال بعضهم: هو مبهم إذ لا دليل على تعيينه، واختاره الإبياري ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ ويسقط بفعل من قام به.
وقال بعضهم: هو من قام به لسقوطه بفعله.
وهذه الأقوال في معنى الأقوال المتقدمة في الواجب المخير، يجري فيها من البحث ما سبق هناك، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما كان بالجزئي ندبه عُلم … فذاك بالكلي كعيد منحتم
أشار بهذا إلى ما ذكره الإمام أبو إسحاق الشاطبي ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ في موافقاته، من أن المندوب بالنظر إلى آحاده، واجب بالنظر إلى مطلقه، كالأذان فهو واجب كفائيا في البلد، مسنون في كل مسجد، وكالصلاة في الجماعة، وليس هذا بمطرد في كل مستحب، بل هو خاص ببعض المستحبات لمعنى يخصها، ككونها من الشعائر، ونحو ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وهل يعين شروع الفاعل … في ذي الكفاية خلاف ينجلي
فالخلف في الأجرة للتحمل … فرع على ذاك الخلاف قد بُلي
أشار بهذا إلى ما سبق، من الاختلاف في تعين الكفائي ـ واجبا أو مندوبا ـ على من