للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

معناه أن في تناول العام والمطلق للصورة النادرة، وعدم تناولهما لها خلافا في المذهب.

ومثلوا لذلك في العموم بحديث " إنما الماء من الماء " (١) بالنسبة للمني دون لذة، أو بلذة غير معتادة، فقد اختلف هل يجب به الغسل أو لا؟

فمن يعول على مقتضى الصيغة، ولا ينظر إلى ندور ولا غيره، أوجب الغسل في ذلك.

ومن نظر إلى ندور ذلك، ولم ير العموم متناولا له، لم يوجب بذلك غسلا.

ومثلوا لذلك في الإطلاق بالفيل في حديث " لا سبق إلا في خف أو في حافر أو نصل " (٢) فالفيل ذو خف، لكن المسابقة عليه نادرة، فهل يتناوله الحديث اعتبارا بالصيغة، أو لا يتناوله، مراعاة لندور وقوعه، فيكون الظن أنه غير مراد.

واختلف كذلك في تناولهما للصورة التي دلت القرينة على عدم إرادتها.

ومثلوا لذلك، بما لو وكل رجل رجلا على شراء عبيد فلان، وفيهم من يعتق عليه. والأوجه عدم دخولهما، وقد أوضح ذلك الشاطبي - رحمه الله سبحانه وتعالى - في موافقاته بما لا مزيد عليه، ونصه:

للعموم الذي تدل عليه الصيغ بحسب الوضع نظران:

أحدهما: باعتبار ما تدل عليه الصيغة في أصل وضعها على الإطلاق، وإلى هذا النظر قصْد الأصوليين، فلذلك يقع التخصيص عندهم بالعقل، والحس، وسائر المخصصات المنفصلة.

والثاني: بحسب المقاصد الاستعمالية التي تقضي العوائد بالقصد إليها، وإن كان أصل الوضع على خلاف ذلك.

وهذا الاعتبار استعمالي، والأول قياسي، والقاعدة في الأصول العربية أن الأصل


(١) رواه مسلم والإمام أحمد.
(٢) رواه أبو داوود والترمذي والنسائي والإمام أحمد ـ رحمهم الله سبحانه وتعالى ـ وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>