الاستعمالي إذا عارض الأصل القياسي، كان الحكم للاستعمالي.
ثم قال بعد بيان ذلك بالأمثلة: ومن الدليل على هذا أنه لا يصح استثناء هذه الأشياء بحسب اللسان، فلا يقال: من دخل داري أكرمته إلا نفسي، أو أكرمت الناس إلا نفسي، ولا قاتلت الكفار إلا من لم ألق منهم، ولا ما كان نحو ذلك.
وإنما يصح الاستثناء من غير المتكلم ممن دخل الدار، أو ممن لقيت من الكفار، وهو الذي يتوهم دخوله لو لم يستثن.
هذا كلام العرب في التعميم، فهو إذا الجاري في عمومات الشرع.
وأيضا فطائفة من أهل الأصول نبهوا على هذا المعنى، وأنما لا يخطر ببال المتكلم عند قصده التعميم إلا بالإخطار، لا يحمل لفظه عليه، إلا مع الجمود على مجرد اللفظ، وأما المعنى فبعيد أن يكون مقصودا للمتكلم، كقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم:" أيما إهاب دبغ فقد طهر "(١) قال الغزالي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: خروج الكلب عن ذهن المتكلم والمستمع عند التعرض للدباغ ليس ببعيد، بل هو الغالب الواقع، ونقيضه هو الغريب المستبعد، وكذا قال غيره أيضا، وهو موافق لقاعدة العرب، وعليه يحمل كلام الشارع بلا بد اهـ
ومحل الخلاف في هذه، وفي النادرة، حيث قامت القرينة على عدم قصدهما، فإن قامت قرينة على قصد النادرة دخلت اتفاقا، أو قامت قرينة على قصد انتفاء صورة، لم تدخل اتفاقا، وعدم قصدها لا يستلزم قصد انتفائها، فيلزم إخراجها عن الحكم.
والصورة النادرة أخص من غير المقصودة، فالندور أحد قرائن عدم القصد.
وقد يجيء بالمجاز متصف
معناه أن العموم كما يكون في الحقيقة، يكون في المجاز، فإذا اقترنت به أداة عموم، كان عاما، قال في النشر: نحو جاءني الأسود الرماة إلا زيدا، خلافا لبعض الحنفية الزاعم أن المجاز لا يكون عاما، لأنه خلاف الأصل، فيقتصر به على محل الضرورة، وهي تندفع بإرادة
(١) رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة والدارمي والإمام أحمد ـ رحمهم الله سبحانه وتعالى ـ وهو حديث صحيح.