جل من قائل:(والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) يعم كل سارق، في أي زمان ومكان كان، وعلى أي حال كان، إذ لو خرج بعض هذه الأمور لخرج بعض الأفراد، وهذا بالنسبة لعموم الأفراد، وأما بالنسبة للواحد فهو مطلق.
وذهب القرافي والآمدي والأصبهاني ـ رحمهم الله سبحانه وتعالى ـ إلى أنه مطلق في هذه الأمور بالنسبة لجميع الأفراد، لعدم الصيغة فيها.
وأجيب بأن المدعَى مجيء العموم من الاستلزام، لا من الصيغة.
واستشكل القرافي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ على ما ذهب إليه أن المطلق تكفي في الخروج من عهدته المرة، فيلزم أنما عمل به من العمومات في زمن، ينقطع الخطاب به. وأجاب عن ذلك تقي الدين ابن دقيق العيد ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في كتابه إحكام الأحكام على عمدة الأحكام في الكلام على حديث أبي أيوب الأنصاري ـ رضي الله سبحانه وتعالى عنه ـ " لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها "(١) بعموم الأفراد في المتعلقات، إذا كان ما يلزم على الإطلاق من الاكتفاء بالمرة ينافي مقتضى صيغة العموم، فيكون عاما محافظة على مقتضى صيغة العموم، لا من حيث إن المطلق يعم.
ونقل عنه في رفع الحاجب، وعن أبي الحسن الباجي ـ رحمهم الله سبحانه وتعالى ـ أنهما أجابا بأن المقصود بكون العام في الأشخاص مطلقا في الأحوال، والأزمنة، والبقاع، أنه إذا عمل به في الأشخاص في حالة ما، في مكان ما، لا يعمل به في تلك الأشخاص مرة أخرى، أما في أشخاص أخر فيعمل به، وإلا يلزم التخصيص في الأشخاص، فالتوفية بالإطلاق أن لا يتكرر ذلك الحكم، فكل زان يحد، وإذا جلدناه لا نجلده ثانيا إلا لزنى آخر، لأن تكرر جلده لا دليل عليه، والفعل مطلق.
قال: وقد أشار الإمام ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في المحصول إلى هذا، حيث قال في دليل القياس: لما كان أمرا بجميع الأقيسة كان متناولا لا محالة لجميع الأوقات، وإلا قدح في كونه متناولا لجميع الأقيسة.