للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأصوليون نظروا للثاني، ولا مشاحة في الاصطلاح، ولم يتوارد اختلافهما على شيء واحد.

على أني أقول: قولهم: حكم الله ـ سبحانه وتعالى ـ في حق كل مجتهد ما أداه إليه اجتهاده، سبيله أنه يجب عليه اتباعه، ودعواهم الإجماع بهذا التفسير صحيح، وبغير هذا التفسير ممنوع، فإذا قلنا: المصيب واحد، والمخطئ معفو عنه، لا يستمر هذا الإطلاق، وإن كان بعضهم قال: إنه يتعين التكليف، ولكن يجب حمله على أنه يأثم بترك ما ظنه واجبا، وبفعل ما ظنه حراما، لجراءته على ربه، بحسب اعتقاده، وأما أن ذلك يصير في حقه كالواجب والحرام في نفس الأمر، فلا يمكن، وإذا ظن زوجه أجنبية، فوطئها يأثم، ولكن أيميز إثمه، أو يساوي إثم الزاني اهـ

ولعل في اندفاع الاشكال بما ذكر، مع قيد الاكتساب من الدليل التفصيلي، نظرا.

وقولهم: بالأحكام، يحترز به كما قالوا عن الذوات، فالتصورات كلها غير فقه.

وقولهم: الشرعية، احتراز من العقلية، كالعلم بامتناع اجتماع النقيضين، والحسية كالعلم بأن النار حارة، والاصطلاحية كالعلم بأن الفاعل مرفوع، فليس شيء من ذلك بفقه. … وخرج بالعملية: العلم بالأحكام الشرعية العلمية، كمسائل الاعتقاد.

وأورد عليه أن من عمل القلب ما هو فقه، كمنع حسد، وعجب، ونحو ذلك.

وعبر الآمدي ـ رحمه الله سيحانه وتعالى ـ بدل العملية بالفرعية.

وقولهم: المكتسب، يحترز به عن وجوب الصلاة، والصوم، ونحو ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة، لأن لفظ الفقه يشعر بالعلم بما فيه دقة، وقيل إن ذلك فقه أيضا.

وقولهم: من الأدلة التفصيلية، يحترز به عن معرفة المقلد بالحكم، سواء كانت علما أو ظنا، فهي مكتسبة من دليل إجمالي، هو أن ما يفتيه به المجتهد، هو حكم الله ـ سبحانه وتعالى ـ في حقه.

قوله: والعلم بالصلاح في ما قد ذهب، أشار به إلى أن المراد بالعلم في تعريف الفقه المذكور: الملكة التي يقتدر بها على استنباط الأحكام.

وأشار بهذا لرد ما أورد على التعبير بالأحكام، من أنه إن أريد البعض، أشكل عليه حصول ذلك للمقلد، وإن أريد الجميع، أشكل عليه أن المجمع على فقههم كانوا يجيبون

<<  <  ج: ص:  >  >>