وتعالى ـ كان ممن يظن بطلان الجواب، ويقول: متعلق الظن مظنون قطعا، كما أن متعلق العلم معلوم قطعا، فيستحيل أن يكون معلوما مظنونا.
قال: وجوابه: أن نتيجة الأدلة الأصولية هو الظن، ففي ذلك الوقت ـ وهو الوقت الأول ـ هو مظنون، ثم إذا صار مظنونا، وجب العمل به، ووجوب العمل به معلوم في الوقت الثاني، وهما غيران: الأول منهما مظنون، والثاني معلوم.
إلى أن قال: وجواب الإمام الرازي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ مسبوق إليه، فإن إمام الحرمين ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ ذكره، حيث قال:
جواب السؤال: ليست الظنون فقها، إنما الفقه العلم بوجوب العمل عند قيام الظنون، فأخذه الإمام الرازي وبسطه اهـ بخ …
وقال في الإبهاج: مضمون هذا الجواب أن الفقه كله قطعي، لا ظني، وهذه المقالة تنسب إلى أكثر الأصوليين، وحاصل كلامهم ومداره ما قاله المصنف ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ.
وتقريره بالمثال أن نقول في الوتر ـ مثلا ـ: الوتر يصلى على الراحلة، فهو سنة، فالوتر سنة، والمقدمة الأولى ثابتة بخبر الواحد، والثانية بالاستقراء، وهما لا تفيدان إلا الظن، فالنتيجة ظنية، لتوقفها على الظن، وهذا الظن الذي أراده المصنف بقوله: والظن في طريقه. وأكثر الناس إذا وصلوا إلى هذه النتيجة، وقفوا عندها، واعتقدوا أنها الفقه، وهو الظاهر من اصطلاح الفقهاء، وعليه بنى السائل سؤاله، والأصوليون لم يقفوا عند ذلك، لأن الظن لا يجوز اعتماده حتى يدل عليه دليل، فنظروا وراء ذلك، وقالوا: لما حصلت هذه النتيجة ـ وهي اعتقاد كون الوتر سنة ظنا ـ ركبنا قياسا آخر من مقدمتين هكذا: الوتر مظنون سنيته، وكل مظنون سنيته، فهو سنة في حق من ظنه.
إلى أن قال: وهذا التقرير على حسنه، إنما يفيدنا القطع بوجوب العمل، فلذلك اختار جماعة أن الفقه هو العلم أو الظن، والإنصاف أنهما مقامان:
اعتقاد كون الحكم عند الله ـ سبحانه وتعالى ـ كذا لا يمكن دعوى القطع فيه.
واعتقاد وجوب العمل بما ظنه من ذلك، دعوى القطع فيه ممكنة، والفقهاء نظروا للأول،