والجواب عن السؤال: ما ذكره الإمام ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في المحصول، من أن المجتهد إذا غلب على ظنه مشاركة صورة لصورة في مناط الحكم، قطع بوجوب العمل، فالحكم معلوم، والظن وقع في طريقه.
وسنوضح ذلك بترتيب خاص، فإن أصحاب الإمام لم يقنعوا منه بهذا الجواب، وزعموا السؤال باقيا.
فنقول: إذا ظننا شتاء، لظننا أيام الشتاء نزول المطر ـ إذا رأينا الغيم المطبق الرطب قد أرخى أهدابه ـ فنزول المطر غالب على عدم نزوله، وهذا ظن، ثم نحن واجدون من أنفسنا أنا عالمون بظننا، وهذا علم وجداني بالظن، والمطر يجوز أن ينزل، وأن لا ينزل حال ظننا، وأما نحن فلا يجوز أن نظن حال ظننا.
وكذا إذا قال لزوجته: متى ظننت أني طلقتك طلقة، فأنت طالق ثلاثا، فظنت أنه طلقها طلقة، طلقت ثلاثا قطعا.
فهذا حكم معلوم قطعا، والظن وقع في طريقه.
وكذلك المجتهد إذا ظن حكما من الأحكام العملية، وجب عليه العمل بمقتضى ظنه قطعا، علم ذلك بالضرورة من استقراء الشرع، والظن واقع في طريقه كما ذكرنا في المرأة.
وعند هذا نقول: إذا ظن الإمام الشافعي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ حل لعب الشطرنج، فإن حله في حقه معلوم قطعا، لأنه مظنون الحل عنده ـ وذلك وجداني ـ وكل ما ظن حله، فهو حلال في حقه قطعا، والظن لم يكن في هذا الدليل مقدمة من المقدمتين، وإنما وقع في طريق الدليل، حيث كان معلوما بالوجدان.
والذين ردوا الجواب، ظنوا الظن أحد المقدمتين، وهو غلط.
فإن الظن لم يكن مقدمة، بل كان متعلق الوجدان.
وظنوا أن مستند المقدمة الثانية الإجماع، فأوردوا على الإمام أن الإجماع عنده ظني.
والإمام لم يذكر أن مستنده الإجماع، وإنما مستنده الاستقراء، قاله الشيخ صدر الدين ابن المرحل ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ.
وذكر أن شيخ الإسلام سيد المتأخرين تقي الدين بن دقيق العيد ـ رحمه الله سبحانه