للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس بعضهم بعضا، حيث يقطعون في بعض الخطابات بعدم العموم، بناء على القرينة، والشرع يخاطب الناس بحسب تعارفهم، قال: ولا يشتبه عليك التخصيص بالقرائن، بالتخصيص بالسبب، كما اشتبه على كثير من الناس، فإن التخصيص بالسبب غير مختار، فإن السبب وإن كان خاصا، فلا يمنع أن يورد لفظ عام يتناوله وغيره، كما في قوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) ولا ينتهض السبب بمجرده قرينة لرفع هذا، بخلاف السياق، فإنه يقع به التبيين، والتعيين، أما التبيين ففي المجملات، وأما التعيين ففي المحتملات، وعليك باعتبار هذا في ألفاظ الكتاب والسنة، والمحاورات، تجد منه ما لا يمكنك حصره نقله في الإرشاد.

قال: والحق أن دلالة السياق إن قامت مقام القرائن القوية المقتضية لتعيين المراد، كان المخصص هو ما اشتملت عليه من ذلك، وإن لم يكن السياق بهذه المنزلة، ولا أفاد هذا المفاد فليس بمخصص اهـ

ومعنى تخصيص القرائن اقتضاؤها إرادة الخصوص بالعام، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وإن أتى ما خص بعد العمل … نسخ، والغير مخصص جلي

معناه أن الخاص إذا تأخر عن وقت العمل بالعام، كان ناسخا لما تعارض فيه مع العام، قال الزركشي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في البحر: وفاقا، ولا يكون تخصيصا، لأن تأخير بيانه عن وقت العمل غير جائز.

وإن تقدم الخاص عن وقت العمل بالعام كان مخصصا له، سواء تأخر عن وقت الخطاب بالعام، أو تقدم، سواء تأخر العام عن العمل بالخاص، أو لا، خلافا للإمام أبي حنيفة ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ وأكثر أصحابه، حيث قالوا: إن تأخر العام عن وقت العمل بالخاص، كان ناسخا له.

وإذا جهل تاريخهما، فمذهب الشافعية، والمالكية، والحنابلة، وبعض من الحنفية، بل نقل عليه أبو الحسين الإجماع، أن العام يبنى على الخاص، ونقل عن الإمام أبي حنيفة ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ وأكثر أصحابه الوقف حتى يعلم التاريخ، أو يظهر مرجح، وحكي عن القاضي أبي بكر والدقاق ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>