للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

القيد الدال على المعنى المزيد على أصل المعنى مذكورا نحو (رقبة مؤمنة) وكونه مقدرا، كقوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (فصيام ثلاثة أيام) أي: متتابعة، عند من يشترط التتابع، وبه قرأ ابن مسعود ـ رضي الله سبحانه وتعالى عنه ـ.

وما على الذات بلا قيد يدل … فمطلق وباسم جنس قد عقل

وما على الواحد شاع النكره … والاتحاد بعضهم قد نصره

عليه طالق إذا كان ذكر … فولدت لاثنين عند ذي النظر

معنى أول الأبيات: أن المطلق ـ ويرادفه اسم الجنس ـ: هو اللفظ الدال على الماهية بلا قيد، والوحدة ضرورية عند الطلب، إذ لا وجود للماهية المطلوبة بأقل من واحد، فالتوجه إلى الماهية من حيث اتحادها مع الأفراد، أو وجودها فيها.

فخرج الدال على الماهية بقيد التعين في الخارج، وهو المعرفة، أو التعين في الذهن، وهو علم الجنس، أو بقيد الاستغراق، وهو العام، والدال عليها بقيد الوحدة الشائعة ـ وهي الفرد المنتشر ـ وهو النكرة، كما أشار إليه ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله: وما على الواحد شاع النكره، والشيوع: خلاف التعيين.

فالمطلق والنكرة من حيث اللفظ سواء، والاختلاف إنما هو بالاعتبار، فإن أريدت باللفظ الماهية بلا قيد، فهو المطلق، واسم الجنس، وإن أريدت به الماهية مع قيد الوحدة الشائعة، فهو النكرة.

وأشار ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله: والاتحاد بعضهم قد نصره، إلى أن من أهل الأصول من اختار ما ذهب إليه ابن الحاجب والآمدي ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ من استواء النكرة والمطلق، فالمطلق عندهم هو ما دل على واحد شائع في جنسه، كالنكرة في الإثبات، إذا لم يقترن بها ما يوجب عمومها، (١) وينكرون كون المطلق يدل على الماهية بلا قيد.

والمراد بالواحد: مفرد المعنى، فإذا كان اللفظ مثنى، دل على اثنين شائعين في الجنس،


(١) كالنكرة في سياق الامتنان، والشرط، ونحو: أكرم كل رجل، والنكرة المستغرقة باقتضاء المقام، كقوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (علمت نفس) وقوله: تمرة خير من جرادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>