للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك.

وبيانه أن المتبادر إلى الفهم من نفي كل فعل كان متحقق الوجود، إنما هو نفي فائدته وجدواه، ومنه قولهم: لا علم إلا ما نفع، ولا كلام إلا ما أفاد، ولا حكم إلا لله ـ سبحانه وتعالى ـ ولا طاعة إلا له ـ سبحانه وتعالى ـ ولا بلد إلا بسلطان، إلى غير ذلك.

وإن كان النفي محمولا على نفي الفائدة والجدوى، فلا إجمال فيه.

وإن سلمنا أنه لا عرف للشارع، ولا لأهل اللغة في ذلك، وأنه لا بد من الإضمار، غير أن الاتفاق واقع على أنه لا خروج للمضمر هاهنا عن الصحة والكمال، وعند ذلك فيجب اعتقاد ظهوره في نفي الصحة والكمال، لوجهين:

الأول: أنه أقرب إلى موافقة دلالة اللفظ على النفي، لأنه إذا قال: لا صلاة، لا صوم إلا بكذا، فقد دل على نفي أصل الفعل، بدلالة المطابقة، وعلى صفاته بدلالة الالتزام، فإذا تعذر العمل بدلالة المطابقة، تعين العمل بدلالة الالتزام، تقليلا لمخالفة الدليل.

الثاني: أنه إذا كان اللفظ قد دل على نفي العمل وعدمه، فيجب عند تعذر حمل اللفظ على حقيقته، حمله على أقرب المجازات الشبيهة به، ولا يخفى أن مشابهة الفعل الذي ليس بصحيح، ولا كامل، للفعل المعدوم، أكثر من مشابهة الفعل الذي نفي عنه أحد الأمرين، دون الآخر، فكان الحمل عليه أولى اهـ

والعكس في جداره، ويعفو … والقرء في منع اجتماع فاقف

معناه أن من المجمل حديث " لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة أو خشبه- بضمتين- في جداره " (١) فالضمير في جداره يحتمل أن يكون عائدا إلى المنهي، وأن يكون عائدا إلى الجار، ومثل هذا كثير.

ومنه الاسم الموصول في قوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) فقد حمله الإمام مالك ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ على الولي، لما قام عنده من الدليل على ذلك، وحمله الإمام الشافعي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ على الزوج، لما قام عنده أيضا على ذلك من الدليل.


(١) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>