واختار ابن الحاجب ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ اشتراط كونه أقوى دلالة من المبين ـ بالفتح ـ.
واختار الآمدي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ التفصيل بين المجمل وغيره، فالمجمل يكفي في تعيين أحد محتملاته أدنى ما يفيد الترجيح، وأما العام والمطلق، فلا بد فيهما من كون المخصص والمقيد أقوى دلالة.
وأوجبنَّ عند بعض عِلما … إذا وجوبُ ذي الخفاء عما
معناه أن منهم من اشترط في المبين ـ بالكسر ـ أن يكون قطعيا إذا كان المبين ـ بالفتح ـ مما يعم التكليف به، كالطهارة والصلاة، لأن ما كان كذلك، تتوفر الدواعي على نقله تواترا.
وهذا القول لا يختص بالبيان، على ما نقله ابن حزم ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في الإحكام عن قوم من الحنفية وقوم من المالكية، فأخبار الآحاد عندهم مطروحة في ما تعم البلوى به.
ونسبه الزركشي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في البحر لأكثر الحنفية وأبي عبد الله البصري وابن خويز الخارجي وابن سريج، وسيأتي الكلام على ذلك ـ إن شاء الله سبحانه وتعالى ـ في كتاب السنة.
والقول والفعل إذا توافقا … فانم البيان للذي قد سبقا
وإن يزد فعل فللقول انتسب … والفعل يقتضي بلا قيد طلب
والقول في العكس هو المبيِّن … وفعله التخفيف فيه بيِّن
إذا ورد بعد المجمل قول وفعل، وكان كل منهما صالحا لبيانه، فإما يتوافقا، بأن لا تكون في أحدهما زيادة على الآخر، أو لا، فإن توافقا فإما أن يعلم السابق منهما، أو لا.
فإن علم السابق منهما، فهو المبين، والثاني تأكيد له.
وقيل: إذا كان الفعل أضعف دلالة منه، لم يحمل على تأكيده، إذ يمتنع التأكيد بالأضعف.
وإن لم يعلم السابق منهما، لم يحكم على واحد منهما بأنه المبين، فالمبين هو السابق في نفس الأمر، والثاني تأكيد له.