وأما الخبر فلا يجوز نسخ مدلوله، سواء كان عما يتغير أو لا، وفيه أقوال أخرى.
وكل حكم قابل له، وفي … نفي الوقوع الاتفاق قد قُفي
قوله: وكل حكم قابل له، يعني به أنه يجوز عقلا نسخ الأحكام الشرعية كلها دفعة، وينقطع التكليف جملة، ومنع أبو حامد الغزالي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ ذلك لتوقف العلم به - على تقدير وقوعه - على معرفة النسخ والناسخ، وهي من التكاليف، إذ النسخ لا يكون إلا بدليل شرعي، وهو خطاب يجب فهمه ومعرفته، ولا يتأتى نسخها، لأنها لو نسخت لوجب معرفة النسخ والناسخ لها أيضا، وهكذا.
وأجيب بتسليم ذلك، لكن بحصول معرفة النسخ والناسخ ينتهي التكليف، وهو المراد، ولا خلاف في عدم وقوع ذلك، كما أشار إليه ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله: وفي نفي الوقوع الاتفاق قد قفي.
وما شرح به في نثر الورود البيت، هو ظاهر العبارة، لكن مراده ما سبق.
هل يستقل الحكم بالورود … أو ببلوغه إلى الموجود
فالعزل بالموت أو العزل عرض … كذا قضاء جاهل للمفترض
قوله: هل يستقل الحكم البيت، معناه أنه اختلف هل يثبت الحكم في حق المكلفين بمجرد وروده على النبي ـ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ـ من غير اشتراط علمهم به، بمعنى تقرره في ذممهم، والأمر بقضائه، كحال النائم وقت الصلاة، أو لا يستقر حتى يبلغهم، وعليه الأكثر، لأنه تكليف محال، لا تكليف بالمحال، لأن الخلل فيه من جهة المأمور، لا المأمور به.
ومثال المسألة ما وقع ليلة الإسراء من تخفيف فرض الصلاة ـ فضلا من الله سبحانه وتعالى ـ من خمسين إلى خمس، فهذا لا يسمى على قول الأكثر نسخا في حق الأمة خاصة، وأما على مقابله فيسمى نسخا.
وأشار ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله: فالعزل بالموت أو العزل عرض، إلى ما ينبني على الاختلاف في تقرر الحكم بمجرد حصوله، وعدم تقرره إلا ببلوغ المخاطب، من