للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لو رجع راجع قدح، فلا تستمر حجيته إلا بموت من يعتبر فيه.

وذهب الأكثرون أيضا في ما ذكره ابن برهان ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ إلى أنه لا يشترط في الإجماع، بلوغ المجمعين عدد التواتر، لعدم تقييد الدليل على عصمة الإجماع بذلك، فلو لم يكن إلا اثنان، كان اتفاقهما حجة.

وقيل: لا بد من ثلاثة، لأنه مشتق من الجماعة، وأقلها ثلاثة.

والمعول هو أول الأقوال، بل لو لم يكن إلا واحد، كان قوله حجة، لانحصار الاجتهاد فيه، فلو لم يكن قوله حقا، لزم خلوهم عنه.

وقيل: ليس قوله حجة، لأن المعصوم الاجتماع، وهو غير موجود.

وهو حجة ولكن يحظل … في ما به كالعلم دور يحصل

معناه أن الإجماع حجة على من انعقد قبله، لحديث الترمذي " إن الله سبحانه وتعالي لا يجمع أمتي - أو قال أمة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم - على ضلالة " (١) ولظواهر أخرى من الكتاب العزيز، والسنة المطهرة، كقوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) وقوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)

وقوله: صلى الله تعالى عليه وسلم: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق " (٢) الحديث، وقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس " (٣) والأحاديث التي تحض على لزوم الجماعة.

وحجية الإجماع إنما تكون في ما لا تتوقف صحته - أعني الإجماع ـ عليه كرؤية الباري - سبحانه وتعالى - وجواز البيع، والإجارة، ونحو ذلك، بخلاف وجود الله ـ سبحانه وتعالى ـ ونبوة محمد - صلى الله تعالى عليه وسلم - للزوم الدور، وكذلك الأدلة السمعية كلها،


(١) وهو حديث صحيح.
(٢) رواه مسلم وأبو داوود والترمذي وابن ماجة والدارمي والإمام أحمد.
(٣) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>