والذي لابن الحاجب - رحمه الله سبحانه وتعالى - في المختصر أنه إجماع، أو حجة، ونصه: إذا أفتى واحد وعرفوا به، ولم ينكر أحد قبل استقرار المذاهب، فإجماع أو حجة، إلى أن قال: لنا سكوتهم ظاهر في موافقتهم، فكان كقولهم الظاهر، فينتهض دليل السمع.
ونسب أبو الوليد الباجي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في كتاب الإشارة لجمهور أصحابنا وجمهور أصحاب الإمام أبي حنيفة والإمام الشافعي ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ أنه إجماع وحجة قاطعة.
قال: ولو لم يصح إجماع ولا تثبت به حجة إلا بعد أن يروى الاتفاق على حكم الحادثة عن كل أحد من أهل العلم في عصر الإجماع، لبطل الإجماع، وبطل الاحتجاج به، لاستحالة وجود ذلك في مسألة من مسائل الأصول أو الفروع، كما لا نعلم اليوم اتفاق علماء عصرنا في جميع الآفاق على حكم حادثة من الحوادث، بل أكثر العلماء لا نعلم بوجودهم في العالم اهـ
قوله: وهو بفقد السخط البيت، معناه أن محل الاختلاف في اعتبار سكوت الساكتين موافقة، ما لم يظهر منهم ما يقتضي الرضى بالقول المذكور، ولا ما يقتضي الإنكار، مع مضي مهلة كافية للنظر والاجتهاد في المسألة.
فإن ظهر منهم ما يقتضي الرضى كان ذلك إجماعا بلا خلاف.
وإن ظهر منهم ما يقتضي الإنكار لم يكن إجماعا بلا خلاف، على ما فهمه جماعة، وهو الأشبه عند التاج السبكي - رحمه الله سبحانه وتعالى - ومقتضى كلام الإمام ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ جريان الخلاف فيه أيضا، كما في الإبهاج.
كما أنه لا خلاف في عدم اعتباره قبل مضي زمن كاف للنظر في المسألة، ولا بد أيضا من بلوغ قول المتكلم في المسألة لجميعهم، ويشعر بذلك التعبير بالسكوت.
ويشترط كذلك أن تكون المسألة تكليفية، كما تقدم، بخلاف ما ليس تكليفيا كالتفضيل بين الصحابة - رضي الله سبحانه وتعالى عنهم أجمعين -.
ولا يكفَّر الذي قد اتبع … إنكار الاجماع وبيس ما ابتدع
معناه أن معتقد عدم حجية الإجماع، لا يكفر بذلك، لعدم ثبوت الأدلة المقتضية