للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم دليل شرعي غير ما تقدم، واختلفوا في تشخيصه، فقال قوم: هو الاستصحاب، وقوم: الاستحسان، وقوم: المصالح المرسلة، ونحو ذلك.

والاستفعال يرد لمعان، وعندي أن المراد منها هاهنا: الاتخاذ.

والمعنى أن هذا باب ما اتخذوه دليلا، والسر في جعله دون ما عداه متخذا، أن تلك الأدلة قام القاطع عليها، ولم يتنازع المعتبرون في شيء منها، فقيامها أدلة لم ينشأ عن صنيعهم واجتهادهم.

أما ما عقدوا له هذا الباب، فشيء قاله كل إمام بمقتضى أداء اجتهاده، فكأنه اتخذه دليلا، كما يقال الإمام الشافعي - رحمه الله سبحانه وتعالى - يستدل بالاستصحاب، والإمام مالك - رحمه الله سبحانه وتعالى - بالمصالح المرسلة، والإمام أبو حنيفة - رحمه الله سبحانه وتعالى - بالاستحسان اهـ

وقال ابن عاشور - رحمه الله سبحانه وتعالى -: اصطلح الأصوليون على أن يسموا بالاستدلال: إيجاد دليل غير واضح من الأدلة الشرعية، وهو ينقسم إلى قسمين:

أولهما: إيجاد دليل على حكم شيء، بالأخذ بلازم حكم آخر له، أو لغيره، كإشارة النص، وواضح كون هذا إيجادا، لأن الحكم المنصوص ـ مثلا ـ لم يتعرض للحكم المثبت، وإنما أخذ هذا الحكم الثاني باللازم.

ثانيهما: أخذ دليل من تتبع مقاصد الشريعة، أو مواردها، كأخذ كون الأصل في المضار التحريم، ويدخل تحت القسمين طرق إثباتها، كالأقيسة المنطقية، والاستقراآت، والقواعد العقلية اهـ

والاستدلال هو دليل ليس بنص، ولا إجماع، ولا قياس، كما أشار إليه الشيخ - رحمه الله سبحانه وتعالى - بقوله:

ما ليس بالنص من الدليل … وليس بالإجماع والتمثيل

والمراد بالتمثيل: القياس الشرعي المتقدم في قوله - رحمه الله سبحانه وتعالى -: حمل لمعلوم على معلوم إلخ.

وقال ابن الحاجب - رحمه الله سبحانه وتعالى - في تعريف الاستدلال: فقيل: ما ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>