سبحانه وتعالى - في مختصره في الاستدلال، والتاج - رحمه الله سبحانه وتعالى - في الجمع: وُجد المقتضي أو المانع، أو فُقِد الشرط، بصيغة الفعل، أي: قول المستدل: وجد، لا وجود بالمصدر، ومذهب الأكثرين أنه دعوى، لا دليل.
ويدخل في الاستدلال أيضا انتفاء الحكم لانتفاء مدركه.
قال في المنهاج: السادس: فقد الدليل بعد التفحيص البليغ، يغلب ظن عدمه، وعدمه يستلزم عدم الحكم، لامتناع تكليف الغافل اهـ
وقد تكلم الإمام ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في المحصول عليه، وقال بعد بحث: وإذا عرفت هذا فالعبارة الصحيحة عن هذا الدليل أن يقال: حكم الشرع إبقاء ما كان على ما كان اهـ
ولا شك أن بين الاستدلال بهذا والاستدلال باستصحاب العدم الأصلي فرقا، وذلك لأمرين:
أحدهما: أن كون الاستصحاب حجة، منهم من حكى عليه الاتفاق، (١) ومنهم من حكى فيه خلافا، وجعل مذهب الجمهور أنه حجة، وأما الاستدلال بفقد الدليل على عدم الحكم فمذهب الأكثرين أنه غير حجة.
الثاني: ذكرهما معا في تعداد ما يدخل في الاستدلال، كما فعل الشيخ - رحمه الله سبحانه وتعالى - تبعا للتاج في الجمع، والبيضاوي في المنهاج والسيف الآمدي في الإحكام ـ رحمهم الله سبحانه وتعالى أجمعين ـ.
وفرق بين الموضعين في الحلي بأن الاحتجاج بالأخير خاص بالمناظرة، وأنه إنما يقع في الاعتراض خاصة، وساق كلاما للإمام - رحمه الله سبحانه وتعالى – وغيره، ذكر أنه يقتضي ذلك، ولم يظهر لي ذلك جدا، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
كما ساق عليه كلاما لأبي الوليد الباجي - رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في الاستصحاب، وقد وقع فيه الاستدلال به على نفي دليل خاص، كما وقعت فيه نسبة القول به لجمهور
(١) ولعله أقعد بما يأتي ـ إن شاء الله سبحانه وتعالى ـ من عد القول به شرطا في أهلية الاجتهاد، والله سبحانه وتعالى أعلم.