علم الخمس بلا سبب، أما به كالمنام، فقد يحصل لغيره - سبحانه وتعالى - كقصة سيدنا أبي بكر الصديق - رضي الله سبحانه وتعالى عنه - في حمل بنت خارجة حين أخبر بأنه أنثى اهـ
والأبين في العبارة أن يقال: إن اختصاصه سبحانه وتعالى بعلم ذلك لا يمنع أن يُطلع عليه من شاء.
وقد صرح الآلوسي في روح المعاني بامتناع إطلاق علم الغيب في غير الله - سبحانه وتعالى - وإنما يقال أُطلع، أو أُظهر - بالبناء للمفعول - على الغيب، ونحو ذلك مما يفهم الواسطة في ثبوت العلم، تجنبا لما يوهم.
قال: ويؤيد ما ذكر، أنه لم يجئ في القرآن الكريم نسبة علم الغيب إلى غيره سبحانه وتعالى أصلا، وجاء الإظهار على الغيب لمن ارتضى سبحانه وتعالى من رسول اهـ
صلى الله تعالى وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى سائر الأنبياء والمرسلين ـ
قدُ اُسس الفقه على رفع الضرر … وأن ما يشق يجلب الوطر
ونفي رفع القطع بالشك وأن … يحكم العرف وزاد من فطن
كون الامور تبع المقاصد … مع تكلف ببعض وارد
قال التاج السبكي - رحمه الله سبحانه وتعالى - في الجمع: قال القاضي الحسين - رحمه الله سبحانه وتعالى -: مبنى الفقه على أن اليقين لا يرفع بالشك، والضرر يزال، والمشقة تجلب التيسير، والعادة محكمة، قيل: والأمور بمقاصدها اهـ
وذكر عز الدين كما في حاشية العطار - رحمهما الله سبحانه وتعالى - رجوع الفقه كله إلى قاعدتين: اعتبار المصالح ودرء المفاسد.
قال في النشر: ويشهد لهذه القاعدة - يعني قاعدة: الضرر يزال - قوله صلى الله تعالى عليه وسلم:" لا ضرر ولا ضرار "(١) واستدل لقاعدة: المشقة تجلب التيسير، بقوله سبحانه وتعالى جل من قائل:(وما جعل عليكم في الدين من حرج) وأصل قاعدة: اليقين لا يرفع بالشك، الاستصحاب، فالمعنى أن ما تيقن حصوله، يستصحب وجوده حتى
(١) رواه ابن ماجة والإمام مالك والإمام أحمد، وهو حديث صحيح.