المتعارض يقف بعضه في عرض بعض، أي: ناحيته، وجهته، فيمنعه من النفوذ إلى حيث وجه، وفي الاصطلاح: تقابل الدليلين على سبيل الممانعة، قاله في البحر.
ولا يجي تعارض إلا لما … من الدليلين إلى الظن انتمى
معناه أن التعارض، إنما يكون في الأدلة الظنية خاصة، وأما الدليلان القطعيان فلا يمكن تعارضهما، لا في نفس الأمر، ولا في اعتقاد المجتهد، سواء كانا عقليين، أو نقليين، حيث لا نسخ أو مختلفين، لأن القاطع لا بد من وقوع مدلوله، فيلزم اجتماع المتنافيين. قال الشربيني - رحمه الله سبحانه وتعالى -: فإن قيل: لا يلزم حصول المدلول هنا، لوجود المعارض، فيحمل على التخيير - مثلا -.
قلنا: حينئذ لا يكون قاطعا، لأنه لا بد في كونه قاطعا من انتفاء الاحتمال، والتعارض قرينة دالة على عدم إرادة المدلول اهـ
والاعتدال جائز في الواقع ..........................
معناه أن تعادل الأمارتين بحسب المراد والمقصود في نفس الأمر، جائز عند الأكثرين، ومنعه طائفة منهم الإمام أحمد والكرخي - رحمهما الله سبحانه وتعالى - حذرا من التعارض في كلام الشارع.
قال في الإبهاج: واحتج من جوز تعادل الأمارتين في نفس الأمر، بالقياس على التعادل في الذهن، وبأنه لو امتنع لم يكن امتناعه لذاته، فلا يلزم من فرض وقوعه محال، أو الدليل والأصل عدمه.
وأجيب عن الأول بأن التعادل الذهني لا يمنع إمكان التوصل فيه إلى رجحان إحدى الامارتين فلا يكون نصبهما عبثا.
وعن الثاني بأنه إثبات للجواز بعدم ما يدل على الفساد، وليس أولى من عكسه، وهو إثبات الفساد بعدم ما يدل على الجواز اهـ
وقال في رفع الحاجب: والحق ما أشار إليه الغزالي وغيره - رحمهم الله سبحانه وتعالى أجمعين - من أن القائلين بأن المصيب واحد لا يجوزون التعادل في نفس الأمر، وإنما الخلاف بين المصوبة اهـ