للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

المحلي - رحمه الله سبحانه وتعالى -: فهو اجتهاد وافق اجتهاد القائل، لأن معرفة الدليل إنما تكون للمجتهد، لتوقفها على معرفة سلامته عن المعارض، بناء على وجوب البحث عنه، وهي متوقفة على استقراء الأدلة كلها، ولا يقدر على ذلك إلا المجتهد اهـ

يلزم غير ذي اجتهاد مطلق … وإن مقيدا إذا لم يطق

معناه أن التقليد واجب على من لم يبلغ رتبة الاجتهاد المطلق في ذلك الباب، وإن بلغها في غيره عند من يجيز تجزأ الاجتهاد، واستدل لذلك بقوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)

وقيل: إنما يجب تقليده المجتهد، بشرط تبين صحة اجتهاده، ليسلم من لزوم اتباعه في الخطإ الجائز عليه.

قال الشربيني - رحمه الله سبحانه وتعالى -: إن كان المراد أنه يتبين للمقلد، فالخطأ عليه أجوز، أو لمجتهد آخر، فجائز عليه الخطأ أيضا، فإن ألزم ببيان مستنده في معرفة عدم خطئه، تسلسل الأمر اهـ

وقيل: لا يقلد العالم، وإن لم يكن مجتهدا، لأن له صلاحية أخذ الحكم من الدليل في الجملة.

وأجيب بأن المدار في عدم التقليد على الصلاحية الكاملة، إذ بها تؤمن كثرة الأخطاء ويكون الناظر على بصيرة.

وهو للمجتهدين يمتنع … لنظر قد رزقوه متسع

معناه أن المجتهد لا يجوز له تقليد غيره، إجماعا بعد اجتهاده في المسألة، وقبله عند الإمام مالك - رحمه الله سبحانه وتعالى - والاكثرين، لتمكنه من الاجتهاد.

وذهب الإمام أحمد - رحمه الله سبحانه وتعالى - إلى الجواز، لعدم علمه بالحكم حينئذ، وقيل: يجوز للقاضي، وقيل: يجوز له تقليد من هو أعلم منه، دون مساويه، وقيل: يجوز عند ضيق الوقت، لما يسأل عنه، بخلاف ما اتسع وقته، وقيل: يجوز له في ما يخصه، دون ما يفتي به.

وليس في فتواه مفت يتبع … إن لم يضف للدين والعلم الورع

<<  <  ج: ص:  >  >>