للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: وقال إن الامر لا يوجه إلا لدى تلبس منتبه، أشار به إلى أن منهم من ذهب إلى أن التعلق الإلزامي لا يقع إلا عند التلبس بالفعل، لأنه وقتُ القدرة، لأن القدرة عرض، والعرض لا يبقى زمانين.

وهذا معترض، فالقدرة التي هي شرط في التكليف، إنما هي القدرة بمعنى سلامة الأسباب، وانعدام الموانع، وهي المفهومة من القدرة عند الإطلاق، ولو اعتبرت القدرة بمعنى العرض المقارن، لم يتحقق عصيان أصلا، إذ لا يتوجه الخطاب إلا مع القدرة، والتارك غير قادر.

وأما ما أجابوا به من أن العصيان متحقق بالتلبس بالكف، إذ هو منهي عنه، لأن الأمر بالشيء نهي عن تركه، فيرد عليه نفس ما ورد على الترك، إذ العصيان بالكف مشروط أيضا بالقدرة على تركه، وهو وقت التلبس بالكف غير قادر على تركه، فلا يكون ملوما على التلبس به.

مع أن توجه النهي عن الكف، فرع عن توجه الأمر بالفعل، فإذا انتفى الملزوم انتفى اللازم.

وإلى الجواب المذكور الإشارة بقوله: فاللوم قبله على التلبس بالكف.

وقوله: وهي من أدق الاسس، أشار به إلى قول القرافي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في شرح التنقيح: هذه المسألة لعلها أغمض مسألة في أصول الفقه، والعبارات فيها عسرة التفهم اهـ

وقوله: وهي في فرض الكفاية البيت، أشار به إلى أن الاختلاف في انقطاع توجه الخطاب بالتلبس، ينبني عليه الاختلاف في تعين فرض الكفاية على من شرع فيه، الآتي ذكره ـ إن شاء الله سبحانه وتعالى ـ في مبحث الكفائي من مباحث الأمر، وعدم تعينه. وعلى التعين يسقط الإثم عن غيره، بمجرد شروعه، والظاهر أن الاختلاف المذكور لا يختص بالواجب، فهو جار في المطلوب كفاية مطلقا، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وهذا في ما لا يتعين بالشروع كتجهيز الميت، لا ما يتعين به كالصلاة على الميت.

للامتثال كلف الرقيب … فموجب تمكنا مصيب

<<  <  ج: ص:  >  >>