والرواية إذا ثبتت عنهم، لم يردها قياس عربية، ولا فشو لغة، لأن القراءة سنة متبعة، يلزم قبولها والمصير إليها اهـ.
الثالث: موافقة رسم أحد المصاحف العثمانية، ولو احتمالا فقط، كما في الألفات المحذوفة.
وإلى هذا أشار ببقية الأبيات.
وهذه الشروط إنما هي في غير المتواتر، وأما المتواتر فلا يشترط فيه شيء.
قال الإمام الحافظ ابن الجزري ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في النشر في الكلام على شرط صحة الإسناد: نعني به أن يروي تلك القراءة، العدل الضابط عن مثله كذلك، حتى تنتهي، وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمة هذا الشأن الضابطين، غير معدودة عندهم من الغلط، أو مما شذ بها بعضهم.
وقد شرط بعض المتأخرين التواتر في هذا الركن، ولم يكتف فيه بصحة السند، وزعم أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، وأن ما جاء مجيء الآحاد، لا يثبت به قرآن، وهذا مما لا يخفى ما فيه، فإن التواتر إذا ثبت لا يحتاج فيه إلى الركنين الأخيرين، من الرسم وغيره، إذ ما ثبت من أحرف الخلاف متواترا عن النبي ـ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ـ وجب قبوله، والقطع بكونه قرآنا، سواء وافق الرسم أم خالفه.
وإذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف، انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء الأئمة السبعة وغيرهم، ولقد كنت قبل أجنح إلى هذا القول، ثم ظهر فساده، وموافقة أئمة السلف والخلف اهـ.
والذي ظهر لي بعد التأمل، أن مقصود مشترط التواتر، والمكتفي بصحة الإسناد مختلف، فمقصود مشترط التواتر أصول الكلمات، كما هو ظاهر عبارة الصفاقسي، حيث قال ما معناه: لا يمكن أن يكون القرآن كغيره ـ يعني في الثبوت بأخبار الآحاد ـ.
وجواز القراءة بالأوجه الثابتة التي تقرأ عليها الكلمات معلوم عن الجميع، وعدم التواتر في ذلك معلوم أيضا.
ومقصود المكتفي بصحة الإسناد: الوجوه التي تقرأ عليها الكلمة، ولا يخالف في اشتراط