أنه يجهل حكمه دون المسكوت عنه، كأن تعلم من شخص أنه يجهل وجوب الزكاة في المعز ويعلم وجوبها في الضأن، فتقول له: نوع الغنم المسمى بالمعز تجب فيه الزكاة، فلا يكون هذا مقتضيا لاختصاص الزكاة في الغنم بالمعز.
ومن الأمثلة أيضا خروج التنصيص على المنطوق، على وجه التأكيد والتهويل.
ومثلوا له بحديث " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا "(١) فالوصف بالإيمان بالله واليوم الآخر، ليس لإخراج الكافرة، بل لتأكيد الحكم، بتشبيه التاركة له، بمن لا تؤمن بالله ـ سبحانه وتعالى ـ واليوم الآخر، وإلى هذا أشار بقوله:
أو امتنان أو وفاق الواقع … والجهل والتأكيد عند السامع
وأشار بقوله:
ومقتضِي التخصيص ليس يحظُل … قيسا، وما عُرض ليس يشمل
إلى أن ما ذكر مما يمنع اعتبار المفهوم، لا يمنع إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق، بطريق القياس، عند وجود وصف جامع يصح الإلحاق به، الذي سيأتي بيانه ـ إن شاء الله سبحانه وتعالى ـ.
فالأمور المذكورة إنما تدل على أن لتخصيص المنطوق بالذكر فائدة غير الاختصاص بالحكم، فيبقى المفهوم مسكوتا عنه معنى أيضا، إذ لم يتناوله الكلام.
وقيل: إن الأمور المذكورة تقتضي بطلان القيد المذكور، بحيث يكون كأن لم يذكر جملة، فيكون المقيد عاما في المذكور والمسكوت عنه، فكأن لفظ (التي في حجوركم) ـ مثلا ـ لم يذكر أصلا، فيكون لفظ ربائبكم من نسائكم، عاما في مكفولته وغيرها، ونقل الإجماع على خلافه أيضا، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقول الشيخ ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: وما عرض، يعني به اللفظ، وذلك لعروض التقييد له، وعدل إلى ذلك عن الموصوف، دفعا لتوهم اختصاص ما ذكر بالصفة.