للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقة في كل منهما، ونسب للفهري ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ.

أو هي موضوعة للمعنى الذهني خاصة، لأنها موضوعة لفرد شائع، والمشترك بين آحاده لا وجود له في الخارج، فالموجود في الخارج هو الأفراد، وكل واحد منها لا يشاركه غيره في حقيقته، وهذا القول للإمام الفخر ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ ونسبه الشيخ ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ لابن الحاجب ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ.

أو هي موضوعة للمعنى الخارجي خاصة، وهو مذهب الجمهور، وحجته أن الأحكام إنما وضعت للأمور الخارجية المتشخصة.

ومحل الخلاف ما له وجود ذهني، ووجود خارجي، وأما ما لا وجود له إلا في الذهن، كبحر زئبق، فلا خلاف أن الوضع فيه إنما هو للمعنى الذهني.

وليس للمعنى بلا احتياج … لفظ، كما لشارح المنهاج

معناه أن وضع لفظ خاص بإزاء المعنى، لا يتعين في كل معنى، وإنما يتعين في المعاني المحتاجة إلى ذلك احتياجا قويا، بل قال في المحصول إنه لا يجوز، وهو أبين، لعدم انحصار المعاني.

وهذا في المعاني المنضبطة، وأما غير المنضبطة، فلا يمكن الوضع لها، لعدم تميزها، فيقصدها المتكلم، ويعرفها السامع، وذلك كأنواع الطعوم، والروائح، واللذات، والآلام، والمسرات، والأحزان، ونحو ذلك.

واللغة الرب لها قد وضعا … وعزوها للاصطلاح سمعا

فبالإشارة، وبالتعين … كالطفل فهْم ذي الخفا والبين

يبنى عليه القلب، والطلاق … بكاسقني الشراب والعتاق

المعنى أنه اختلف في ابتداء اللغات، فقيل هي توقيفية، إما بالوحي إلى آدم ـ على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ـ أو بخلق الأصوات، وإلهام معانيها، أو غير ذلك.

وقيل: هي اصطلاحية، وضعها البشر، وحصل التعارف بينهم بالتعيين بالإشارة، وانتصاب القرائن، كما يتعلم الطفل لسان أبويه.

وقيل: كان ابتدؤها بتوقيف، ثم كانت اصطلاحا في ما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>